جنوب لبنان على رادار الاستيطان الإسرائيلي (1)
نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية مقالاً يوم 17 نوفمبر الجارى، للصهيونى «مايكل فرويند» تحت عنوان «جنوب لبنان هو فى الواقع شمال إسرائيل»، ادعى خلاله أن جنوب لبنان بكامله يعتبر جزءاً من شمال إسرائيل، ومن وجهة نظر تاريخية (كما يزعم) فإن للشعب اليهودى جذوراً عميقة فى هذه المنطقة.
اللافت أن الإعلام العربى أشار إلى مقال «فرويند»، الذى شغل من قبل منصب نائب مدير الاتصالات فى حكومة بنيامين نتنياهو، ولم يلتفت أحد إلى تقرير نشرته الصحيفة الإسرائيلية نفسها فى شهر أكتوبر الماضى، تحت عنوان «هل لبنان جزء من إسرائيل الموعودة؟»، وسرعان ما حذفته فوراً.
ويبدو أن «جيروزاليم بوست» وجدت ضرورة فى تبنّى الدعاية الصهيونيّة الجديدة التى تروّج لاحتلال جنوب لبنان بزعم أنه جزء من أرض إسرائيل الكبرى، ونشرت المقال الأخير تماهياً مع تصريحات الرئيس الأمريكى القادم «دونالد ترامب» خلال حملته الانتخابية، عندما قال: «مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخريطة، ولطالما فكّرت فى كيفية توسيعها».
الصهيونى «مايكل فرويند» هو مؤسّس ورئيس منظمة «شافى إسرائيل» أو «إسرائيل العائدة»، وهى منظمة مقرّها القدس، وتتولى مهمة البحث عن «اليهود المختبئين» وإقناعهم ثم مساعدتهم على العودة إلى أرض الميعاد.
ويستند «فرويند» فى خرافته التى يروّج لها فى مقاله، إلى «سفر التكوين» ليدلل على أن جذور الشعب اليهودى فى المنطقة عميقة، وأن «جنوب لبنان هو شمال إسرائيل»، حقيقة تاريخية يجب تسليط الضوء عليها فى هذا الوقت الذى يقاتل فيه الجيش الإسرائيلى، لتطهير جنوب لبنان من إرهابيى حزب الله.
ويدلل ذلك الصهيونى على ادعائه بأن جنوب لبنان كان جزءاً واضحاً من أرض إسرائيل، بما ورد فى سفر التكوين (10: 19) الذى يقول: «كانت حدود كنعان تمتدّ من صيدا إلى جرار فإلى غزة، ثمّ نحو سدوم وعمورة وأدما وتزيفيم إلى لاشا».
ويضيف أنّ البطريرك التوراتى «يعقوب» بارك أبناءه الاثنى عشر، قبل وفاته مباشرة، وكانت البركة التى منحها لابنه العاشر «زبولون» مؤسس سبط زبولون تؤكد أنه سيكون عند شاطئ البحر إلى حدود صيدا (سفر التكوين 49: 13).
ويدّعى «فرويند» أنّ سفر يشوع (13: 6) يذكر صراحة أنّ صيدا موعودة للشعب اليهودى، وأنّ حدود قبيلة «آشر» امتدّت إليها (سفر التكوين 19: 28).
ويقول «فرويند» إن الله وعد إبراهيم بأرض إسرائيل عندما مرّ عبر آرام النهرين وآرام ناحور، ورآهم يأكلون ويشربون ويفرحون. فقال: «ليت نصيبى لا يكون فى هذه الأرض»، وعندما وصل إلى رأس صور، رآهم منهمكين فى إزالة الأعشاب الضارّة فى موسم إزالة الأعشاب الضارّة، وفى الحرث فى موسم الحراثة. فقال: «ليت نصيبى يكون فى هذه الأرض»، فقال له القدّوس تبارك اسمه: «لنسلِك أعطى هذه الأرض» (سفر التكوين 12: 7).
يقول الصهيونى «فرويند» إن الحدود الحالية بين إسرائيل ولبنان مصطنعة تماماً، وهى من بقايا الزمن الذى رسم فيه المستعمرون الأوروبيون خطوطاً على الخرائط، وهم يشربون زجاجات الـ«براندى» فى غرفة يغطيها دخان سجائرهم.
ويطرح «فرويند» السؤال: كيف انفصل جنوب لبنان عن أرض إسرائيل؟ ويجيب: يعود أصل هذا الانقسام إلى ما قبل قرن من الزمان، حين توصلت بريطانيا وفرنسا بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية إلى اتفاقية «سايكس بيكو» السرّية فى عام 1916، التى قسّمت الشرق الأوسط إلى مناطق نفوذ بين الإمبراطوريتين، وتمّ بشكل أساسى رسم خطّ على الخريطة، وكانت هذه الخربشة (كما يصفها) كحد فاصل بين إسرائيل ولبنان كما نعرفها اليوم.
وللحديث بقية.