قانون مكافحة الإرهاب.. هل يهدد الدولة القانونية؟

تواجه الدولة المصرية تحدياً كبيراً فى مواجهة الجريمة الإرهابية التى تضرب الآن فى كل مناحى الحياة، وكأنها فى صراع مع الزمن لوقف أى تنمية أو تطور للحياة فى مصر، بل تسعى إلى تهديد كل منظومة حقوق الإنسان بالقتل العشوائى وتفجير أبراج الكهرباء ومحطات السكك الحديدية ووضع القنابل فى الشوارع والطرقات، واغتيال الشخصيات العامة والمسئولين الحكوميين، وكانت آخر جرائم الاغتيال التى استهدفت موكب النائب العام، بالطبع غير العمليات العسكرية التى تتم على الحدود فى شمال سيناء، التى تستهدف احتلال أجزاء من الأرض المصرية، هذه المخاطر ما زالت قائمة ومستمرة. المواجهة يجب أن تكون فى المقام الأول لمنع هذه التنظيمات من تحقيق أهدافها، فلا تحقق الترويع للمواطنين ولا تنشر الخوف الذى يعطل سير الحياة الطبيعى، أيضاً ألا يجعلنا الخوف نصادر كل الحقوق والحريات للمواطنين، وأن الإجراءات والتدابير التى تتخذ يجب أن تكون فى حدود التصدى لهذا الإرهاب، لذلك تأتى أهمية رفع كفاءة الأجهزة الأمنية وتجهيزها بالمعدات والإمكانيات التى تجعلها فى حالة تفوق على التنظيمات الإرهابية التى ثبت أنها تستخدم أنواعاً من الأسلحة حديثة جداً، فضلاً عن أجهزة الاتصال وتحديد المواقع، إذ يجب أن نضمن التفوق التسليحى والتقنى، أيضاً هناك ضرورة لتحديث وتطوير الخطاب الدينى لكشف زيف المقولات التى يتم على أساسها تجنيد هؤلاء ودفعهم إلى هذا الآتون المستعر. لذلك فإن حماية حرية الرأى والتعبير والاعتقاد وحرية الصحافة والإعلام مهمة جداً لأنها تعنى أننا لم نتغير أو نغير طريقة حياتنا، استجابة إلى هذه التهديدات، لأن هذه هى البيئة التى يعمل فيها الإرهاب الظالم، وهنا تأتى أهمية قانون مكافحة الإرهاب الذى تقدمت به الحكومة المصرية ولا يزال يناقش الآن، أول قانون لمكافحة الإرهاب صدر عام ١٩٩٢ برقم ٩٧، والذى تضمّن تعريفاً للجريمة الإرهابية وأنشأ جرائم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية التأسيس والإدارة والانتساب وحدّد عقوبات مشدّدة لهذه الجرائم تصل إلى الإعدام، وفى الحقيقة بعد التطورات التى دخلت على الجريمة الإرهابية، وأنها أصبحت جريمة عابرة للقومية وتقف خلفها منظمات دولية منتشرة فى دول مختلفة، بل هناك أيضاً دعم من دول وحكومات بالمال والعتاد والحماية، أصبح من الضرورى تطوير القانون فى مصر، أهمها امتداد النطاق الإقليمى لقانون العقوبات، أن نجعل جرائم التحريض والتمويل والإمداد بالأسلحة والمتفجرات وكل أشكال الدعم، هذه الجرائم لو حدثت على إقليم دول أخرى جريمة يعاقب عليها فى مصر، أيضاً وسائل التحريض إذا كانت عبر الإنترنت أو وسائل الإعلام الاجتماعى أو أى وسيلة، كل هذا مهم، لكن يجب ألا يتضمن القانون تقييداً لحرية تداول المعلومات، المادة ٣٣ على سبيل المثال تجعل الحصول على معلومة ونشرها من غير المصادر الرسمية جريمة يعاقب عليها بالسجن سنتين، المهم أيضاً ألا ينتهك القانون الحق فى المحاكمة العادلة وإسقاط ضمانات مهمة فى قانون الإجراءات الجنائية، حق المحامى فى طلب شهود نفى أمام المحكمة، الطعن على الحكم ٤٠ يوماً إذا كانت المحكمة تأخذ شهراً لإيداع الحكم فيكون الطعن يكتب ويقدم خلال عشرة أيام، فهذا إخلال بحق أصيل للمحامى والمتهم، كذلك الحق فى المحاكمة على درجتين للجنايات الذى أقر فى دستور ٢٠١٤، يتم العصف به فى هذا القانون، بل يجعل النقض على درجة واحدة، النيابة العامة تمدد الحبس الاحتياطى وتأخذ صلاحيات قاضى التحقيق وغرفة المشورة وهى ضمانة للمتهم، نعم هناك حاجة إلى قانون مكافحة الإرهاب، لكن فى الحقيقة هناك حاجة أكثر إلى دولة سيادة القانون.