قمة البرازيل ومكافحة الجوع
تحت شعار «بناء عالم عادل وكوكب مستدام» تنعقد فى البرازيل قمة مجموعة العشرين الاثنين القادم (G20) والتى سوف تشهد نقاشات مكثفة حول تحديات عالمية عديدة تشمل مكافحة الجوع والفقر، التغير المناخى، والضرائب العادلة.
وأعتقد أن أهم ما يميز هذه القمة هو ملف مكافحة الجوع، خصوصاً أن البرازيل التى تستضيف المؤتمر لها تجارب رائدة فى هذا المجال استطاعت من خلالها أن تكافح الجوع وتقضى عليه تماماً، وكذلك الفقر.
البرازيل أطلقت من قبل «مشروع القضاء على الجوع» فى أكتوبر عام 2001 على يد لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، الذى كان أحد المرشحين ثم وصل إلى سدة الرئاسة، وهو أيضاً الرئيس الحالى للبرازيل، وفور توليه المسئولية أصبح مشروع «القضاء على الجوع» استراتيجية حكومية رئيسية لتوجيه السياسات الاقتصادية والاجتماعية فى البرازيل، وشكل بداية تحول، واتخذت الحكومة إجراءات لإدراج السياسات الهيكلية فى سياسات الطوارئ من أجل مكافحة الجوع والفقر. كما نفذت سياسات جديدة مختلفة فى مجال الزراعة الأسرية ووضعت تشريعات أساسية للسياسة الوطنية فى مجال الأمن الغذائى، واستطاعت البرازيل بالفعل القضاء على الجوع والفقر، فهل تستطيع هذه الدورة أن تقضى على الجوع، ولكن هذه المرة فى العالم بأكمله؟
الرئيس البرازيلى لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، دعا دول العالم إلى التحرك لمكافحة الجوع الذى اعتبره «أشد أشكال الحرمان الإنسانى إذلالاً»، عشية اجتماع لوزراء المالية لمجموعة العشرين فى ريو دى جانيرو، تمهيداً لعقد المؤتمر، وقال دا سيلفا، أثناء إطلاق «التحالف العالمى ضد الجوع والفقر» فى ريو: هو من أولويات الرئاسة البرازيلية لمجموعة العشرين فى القرن الحادى والعشرين، وما من شىء غير مقبول أكثر من استمرار الجوع.
وأضاف والدموع فى عينيه: يبدو التحدى كبيراً، إذ يعانى حوالى 733 مليون شخص من الجوع فى عام 2023، أى 9% من سكان العالم، بحسب تقرير نشرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ووكالات أممية أخرى، وتم عرضه فى ريو لهذه المناسبة.
ليس هذا هو التحدى الوحيد للمؤتمر، ولكن هناك تحدٍّ أصعب من ذلك، وسوف يفتح عش الدبابير على كل المشاركين فى المؤتمر، إذ يرغب الرئيس البرازيلى فى فرض ضرائب على المليارديرات فى جميع أنحاء العالم، وما أدراك ما المليارديرات وما قدرتهم على التدخل لدى الحكومات بل وإسقاطها؟ والمقترحات المالية هى فرض ضريبة على ثروات المليارديرات بنسبة 2%، والتى قد تولد إيرادات ضخمة تُستخدم فى دعم التنمية الاقتصادية ومكافحة الفقر عالمياً.
أعتقد أن مهمة المؤتمر صعبة للغاية، ولكن من غير المعقول أن تصدر كل المؤتمرات قرارات وتوصيات ولا يتم الأخذ بها. الجدير بالذكر أن مجموعة العشرين تضم 19 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبى، وتشمل الأرجنتين أستراليا، البرازيل، كندا، الصين، فرنسا، ألمانيا، الهند، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، المكسيك، روسيا، المملكة العربية السعودية، جنوب أفريقيا، كوريا الجنوبية، تركيا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة. كما يشارك الاتحاد الأفريقى كعضو دائم منذ قمة 2023 فى الهند، مما يرفع التمثيل إلى 21 كياناً فى قمة 2024 بالبرازيل.