ترامب مثال للمقاتل السياسي
لا حدث في العالم يضاهي الانتخابات الرئاسية الأمريكية . بضعة مليارات من سكان الكرة الأرضية تابعوا الانتخابات لحظة بلحظة , بينما بقية سكان الكوكب كانوا يتابعون عن بعد , لكنهم كانوا مهتمين بسير العملية الانتخابية ونتيجتها . المرشحان للرئاسة يعرفهما جميع سكان الدنيا , القاصي والداني , الرجال والنساء , الشباب والأطفال . تكثف وسائل الإعلام من صحافة والكتروني وفضائي على هذه الانتخابات التي بلغت تكاليفها 16 مليار دولار وهي تزيد على ضعف انتخابات 2016 التي فاز فيها أيضا ترامب .
تُعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية من أبرز الأحداث الديمقراطية حول العالم، وهي تُجري كل أربع سنوات منذ عام 1788. ولم يتغير تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية منذ ذلك الوقت حددت الولايات المتحدة موعد الانتخابات في يوم الثلاثاء بعد أول يوم اثنين من شهر نوفمبر . منذ بدء الانتخابات الرئاسية في القرن الثامن عشر، استمر الثبات على موعد الانتخابات لأسباب متعددة :
الاستقرار القانوني والدستوري: بعد التعديلات المختلفة، أصبح يوم الثلاثاء بعد أول يوم اثنين من نوفمبر هو التاريخ الرسمي للإجراءات الانتخابية، مما يعطي استقراراً وأماناً للنظام الديمقراطي.
التوافق مع حياة الناس: تم اختيار هذا الموعد ليكون بعد الحصاد الزراعي، ما يسمح للناخبين بالمشاركة دون انشغالات أخرى.
تفادي العوائق: يضمن هذا الموعد أن لا تتعارض الانتخابات مع الأنشطة التجارية والدينية الكبرى، مما يسهل فرص التصويت.
في جانب آخر تختلف مواعيد الانتخابات في دول العالم بناءً على تقاليدها ونظمها القانونية. بعض البلدان تتبع تقاليد برلمانية حيث تُجرى الانتخابات في فترات غير محددة. في بعض الأحيان، تكون الانتخابات مرتبطة بأحداث سياسية خاصة، مما يؤدي إلى تقلب مواعيدها. في المقابل، بينما ساهم الثبات الأمريكي في تعزيز الثقة في العملية الانتخابية.
على مر التاريخ كانت هناك جولات انتخابية بارزة في تاريخ الولايات المتحدة:منها انتخابات 1860التي انتخب فيها أبراهام لينكولن محرر العبيد . وانتخابات 1932: وقت أزمة الكساد الكبير، وانتُخب فيها فرانكلين ديلانو روزفلت، الذي ساهم في إعادة بناء الاقتصاد الأمريكي. وانتخابات 2008التي انتخب فيها باراك أوباما وأصبح أول رئيس إفريقي أمريكي .
من أبرز الرؤساء الأمريكيين جورج واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة , وأبراهام لينكولن الذي قاد البلاد خلال الحرب الأهلية وعمل على إلغاء العبودية . ورونالد ريغان الذي كان له دور كبير في السياسة الداخلية والخارجية في أثناء الحرب الباردة.
تظل الانتخابات الرئاسية الأمريكية مؤشراً حيوياً على صحة النظام الديمقراطي في البلاد. من خلال الثبات على المواعيد والشفافية في العمليات الانتخابية حيث تواصل الولايات المتحدة تعزيز مكانتها كأحد أبرز الديمقراطيات في العالم.
تعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية من أهم الأحداث السياسية على مستوى العالم حيث تجذب اهتمام وسائل الإعلام والجماهير . وهناك عدة أسباب تجعل من هذه الانتخابات محط الأنظار , أهمها القوة الاقتصادية التي تجعل من الولايات المتحدة أكبر قوة اقتصادية في العالم، وبالتالي فإن أي تغيير في القيادة يؤثر على الاقتصاد العالمي. والنفوذ العسكري , فالولايات المتحدة لديها أكبر جيش في العالم، وأي تغييرات في السياسات العسكرية قد تؤثر على توازن القوى في مناطق عدة من العالم . وكذلك التأثير الثقافي حيث تمتد الثقافة الأمريكية وتغطي كل العالم عبر الأفلام، الموسيقى، والتكنولوجيا.
فوز ترامب يقلص التزامات الولايات المتحدة تجاه المنظمات الدولية وحلف الناتو، مما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار في بعض المناطق , وزيادة التوتر في مجال التجارة الدولية كما يمكن أن تقود سياساته الحمائية إلى تصعيد الأزمات التجارية مع الدول الأخرى.
لقد اختلفت ردود الأفعال دوليا بعد فوز ترامب , في المنطقة العربية هنأ غالبية قادة دولها ترامب مطالبين بإحلال السلام في المنطقة . ورحب قادة أوروبا بالعمل مع ترامب بينما لم يهنئ الرئيس الروسي بوتين ترامب بالفوز باعتباره رئيس دولة غير صديقة .
فاز ترامب المقترب حثيثا من الثمانين عاما وهو ما يعطينا فكرة واضحة عن الأمريكيين الذين لا ييأسون ويبقون مقاتلين حتى النهاية , وما حققه ترامب يعد من الإنجازات السياسية والانتخابية الكبيرة فهو الوحيد الذي عاد ليفوز بعد ان خسر في المرة الماضية .