«الوطن» تنشر الأسباب الحقيقية لارتفاع الدولار واليورو

كتب: إسماعيل حماد

«الوطن» تنشر الأسباب الحقيقية لارتفاع الدولار واليورو

«الوطن» تنشر الأسباب الحقيقية لارتفاع الدولار واليورو

شهدت الأيام القليلة الماضية ارتفاعاً فى أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه، حيث ارتفع الدولار بقيمة 20 قرشاً خلال تعاملات يومى الخميس والأحد الماضيين ليسجل 783 قرشاً للبيع بالبنوك و788 قرشاً فى الصرافة، بينما سجل اليورو ارتفاعاً بقيمة 10 قروش ليصل إلى 867 قرشاً. وفى تحليل سريع لأبرز تطورات العملات الأجنبية أمام الجنيه خلال العام المالى 2014 - 2015، وخاصة اليورو، التى تعد العملة الرسمية لمنطقة الاتحاد الأوروبى أكبر شريك تجارى لمصر، فإن سعر اليورو انخفض بنسبة 18.8% خلال الشهور التسعة الأولى من العام الماضى ليسجل سعر 800 قرش فى مارس الماضى مقابل 986 قرشاً فى يونيو 2014، ثم ارتفعت العملة الأوروبية لتصل إلى 867 قرشاً حالياً، وهو ما يشير إلى أن محصلة تعاملات اليورو أمام الجنيه هى انخفاض للعملة الأوروبية بنسبة 12% من مستوى 986 قرشاً إلى 867 قرشاً. وتشير حركة تخفيض سعر الجنيه أمام الدولار، إلى إدارة قوية من السياسة النقدية لسوق الصرف بما يصب فى صالح الاقتصاد المصرى، خاصة أن العملة الأمريكية ارتفعت أمام العملات الأجنبية الرئيسية الأخرى وأبرزها اليورو وهو ما يؤدى بدوره إلى ارتفاع قيمة الجنيه أمام اليورو بالتبعية، لذا فإن اتجاه البنك المركزى بتخفيض الجنيه أمام الدولار أدى إلى الحد من انخفاضات اليورو التى تسببت فى إغراق السوق المحلية بالسلع المستوردة وأضعفت قدرة الصناعات المصرية على المنافسة فى السوق المحلية أو الأسواق العالمية. يأتى ذلك بعد أن حققت التعاملات الاقتصادية للدولة عجزاً كلياً فى ميزان المدفوعات بقيمة مليار دولار خلال تعاملات الشهور التسعة الأولى من العام المالى المنتهى فى يونيو الماضى، الذى جاء انعكاساً مباشراً لتضخم العجز فى ميزان المدفوعات (الفرق بين حصيلة الصادرات ومدفوعات فاتورة الواردات من الخارج)، والذى ابتلع الزيادة التى شهدتها إيرادات السياحة والاستثمارات الأجنبية حتى أظهر ميزان المدفوعات عجزاً. وشهدت تلك الفترة ارتفاعاً فى عجز الميزان التجارى بمعدل 22.7% ليبلغ نحو 29.6 مليار دولار، مقابل نحو 24.1 مليار دولار، نتيجة لتراجع حصيلة الصادرات السلعية التى انخفضت بمعدل 13.8% لتسجيل نحو 16.9 مليار دولار مقابل نحو 19.6 مليار دولار. كما شهدت الفترة الماضية ارتفاعاً فى فاتورة الاستيراد من الخارج نتيجة توجهات بعض المستوردين لاستيراد سلع بأكثر من احتياجات السوق والتركيز على سلع الرفاهية لتخزينها وبيعها للمواطنين بأسعار أعلى، مستغلين الأوضاع الاقتصادية التى تمر بها البلاد، خاصة مع انخفاض سعر اليورو أمام الجنيه خلال العام المالى الماضى بقيمة تصل إلى 150 قرشاً -باعتبار الاتحاد الأوروبى أكبر شريك تجارى- وانخفاض التعريفة الجمركية على بعض المنتجات مثل السيارات المستوردة من أوروبا بنحو 20% وهو الأمر الذى يجيب على التساؤلات الخاصة بعدم انخفاض أسعار السيارات فى مصر رغم تراجع «اليورو» بنسبة تصل إلى 15% وانخفاض الجمارك، كغيرها من المنتجات المستوردة من الاتحاد الأوروبى، رغم أنه تم استيراد سيارات بقيمة تصل إلى 1.5 مليار دولار خلال الستة شهور الأولى من العام الحالى بما يوازى ما تم استيراده خلال عام كامل سابق لتلك الفترة. وتشير إجراءات السياسة النقدية الأخيرة التى أدت إلى ارتفاع سعر العملات الأجنبية أمام الجنيه إلى محاولة إدارة البنك المركزى المصرى تحقيق عدة عوامل فى غاية الأهمية لدعم الاقتصاد الوطنى من بينها دعم الصادرات عبر تخفيض تكلفة المنتج المحلى ودعم قدراته التنافسية فى الأسواق الخارجية، مقابل ترشيد الواردات عبر زيادة تكلفتها وبالتالى يتم إتاحة الفرصة أمام الإنتاج والتصنيع المحلى، وهو ما يصب فى صالح تخفيض العجز فى الميزان التجارى، فضلاً عن تشجيع السياحة فى مصر بتخفيض تكلفتها، وتشجيع المصريين فى الخارج على تحويل أموالهم إلى الداخل، وتحفيز المستثمر الأجنبى على اتخاذ قراراته بالاستثمار فى مصر، وهى ما تسهم مجتمعة فى زيادة معدلات النمو الاقتصادى وتقليص الضغوط على أرصدة الاحتياطى النقدى الأجنبى. ويجب على الحكومة والجهات الرقابية المعنية بالأسواق إحكام الرقابة على الأسواق بما يصب فى صالح المواطن، كما تجدر الإشارة إلى أن الارتفاع الذى طرأ على أسعار العملات الأجنبية لم يتجاوز حتى الآن مستوى 2.6% وهو ما يشير إلى أن توجهات التجار لرفع أسعار السلع بما يتراوح بين 25% و35% أمر غير طبيعى، ويشير إلى جشع البعض وتغليب مصالح شخصية على حساب مصلحة الاقتصاد الوطنى، كما أنه يجب التحذير من أن رفع الأسعار فى الوقت الحالى لا يرجع إلى ارتفاع العملات الأجنبية أمام الجنيه وذلك لأن دورة الاستيراد تتراوح بين 3 و6 شهور وهو ما يعنى أن تأثير ارتفاعات الدولار التى تقدر بنحو 2.6% لن تؤثر على الواردات إلا بعد 3 شهور على الأقل بنسبة موازية تقريباً، كما أن السلع المستوردة من الأسواق الأوروبية يجب ألا ترتفع أسعارها على وجه التحديد. ووفقاً لجميع العوامل التى تستهدف السياسة النقدية تحقيقها، فإن الضغوط المتزايدة على أرصدة الاحتياطى النقدى الأجنبى ستتجه إلى الانحسار، خاصة إذا انخفضت معدلات الاستيراد وتم تشجيع المنتج المحلى وتشجيع السياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية من الخارج وتحفيز تحويلات المصريين، وهو ما يؤدى إلى زيادة إيرادات العملة الأجنبية وأبرزها الدولار واليورو وانخفاض الطلب عليهما.