إلا «الأونروا»
لن نفقد الأمل، لن يُطفأ نور العدل، لن نسير خلف الذين يُزيفون الحقائق، سنتصدى لمن يُزيفون التاريخ، سنُدافع عن القضية الفلسطينية وشعبها وغزة وأهلها، لن تُمحى من ذاكرتنا دموع الأطفال وهُم يتسابقون للحصول على «شَربة ماء» من حنفية جالون مياه مكتوب عليه (UN) فى شوارع قطاع غزة المكلوم والمهدوم، سيأتى اليوم الذى يتحرك فيه أحرار العالم ضد الاحتلال الإسرائيلى، فقد تجاوز الاحتلال المدى، ونَصَبوا الفخ فى شمال غزة ويستعدون الآن للضغط على 400 ألف غزاوى يعيشون فى الشمال للنزوح النهائى وترك بيوتهم والذهاب لجنوب قطاع غزة، فالمجاعة آتية لا محالة، ولا يوجد مكان آمن، والحديث عن أوجه الحياة فى شمال القطاع أصبح ضرباً من ضروب الخيال، والاستيلاء على الأرض يتم على قدم وساق، ورغم القصف المباشر الذى تعرضت له «مقرات المنظمات الدولية» إلا أنها ما زالت قادرة على القيام بدورها لمساعدة النازحين والمهاجرين والجائعين والعطشى والمرضى من أهل غزة.
ما زالت (الأونروا) موجودة رغم حملات التشهير بها وبموظفيها وبدورها، لم يتبق للاحتلال إلا غلق مقراتها (بالضبة والمفتاح) وتشميع أبوابها بالشمع الأحمر.. (إلا «الأونروا») فهى آخر سور ممكن للفلسطينيين الاحتماء به وقت القصف والكبوة والشِّدة، لم يعد باقياً للفلسطينيين «إلا الأونروا» لكى يساعدوهم على الاستمرار فى الحياة الصعبة التى يواجهونها فى قطاع غزة.
بئس التشريعان اللذان أقرهما الكنيست الإسرائيلى - وللأسف بالأغلبية - وهُما اللذان يقضيان بـ: (التشريع الأول: يُمنع «الأونروا» من ممارسة أى نشاط أو تقديم أى خدمة داخل الأراضى التى تسيطر عليها إسرائيل، ويُمنع عملها فى المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية)، و(التشريع الثانى: تُقطع العلاقات الدبلوماسية مع «الأونروا»).. الأمريكان موقفهم عائم كالعادة ولم يُحركوا ساكناً ولم يصدر عنهم قرار فعّال اللهم إلا تصريح وحيد أجوف لا قيمة له صادر عن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية «ماثيو ميلر» قال فيه نصاً: أوضحنا لإسرائيل أننا نشعر بقلق عميق إزاء التشريع الإسرائيلى بحظر عمل وكالة «الأونروا» فى قطاع غزة ولا يمكن الاستغناء عنها فى توصيل المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
ليعلم الجميع أن هذا القرار سيزيد من معاناة الفلسطينيين وسيزيد أوضاعهم الإنسانية سوءاً خاصة بعد مرور أكثر من عام على القصف المتواصل لكل شىء فى غزة، المساعدات الإنسانية قليلة أصلاً والوضع المتردى سيزداد خطورةً وسوءاً، وهذا يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة ويُعد انتهاكاً للقانون الدولى وعقاباً جماعياً مرفوضاً جُملة وتفصيلاً، كيف سيعيش أهالى غزة بدون إمدادات غذائية وطبية؟، متى يتحرك أحرار العالم لرفض السلوك الإسرائيلى المعادى للحياة على أرض غزة؟، متى يرفض أحرار العالم سياسة القتل البطىء التى تتبعها إسرائيل لقتل الأحياء فى قطاع غزة؟، هل سيهتز لهم جفن أم سيتحرك ضميرهم وهُم يرون (2.4) مليون فلسطينى بلا مأوى ومأكل؟.. يا أهل الإنسانية أناديكم وأقول لكم: ما كل هذه الفاشية والعدوانية من هذه الدولة العنصرية الخارجة عن الشرعية الدولية؟، فرائحة الموت تفوح من كل مكان فى غزة، الجُثث مُلقاة على الأرض وفى الطرقات وتحت الأنقاض.. أين الإنسانية؟