بلاغ إلى السيد رئيس الجمهورية
ثلاثون عاماً قضيتها فى مهنة المحاماة، طالعت خلالها آلاف البلاغات، منها ما هو مقدم من موكلين لى، وما هو مقدم ضد البعض منهم، لكن القاسم المشترك بين هذه وتلك أن جميع البلاغات معنونة ومقدمة لمن أناط به الدستور والقانون تلقى تلك البلاغات والتحقيق فيها، جميعها مقدمة إلى من أسند إليه المجتمع سلطة درء الجور ورفع الظلم وحماية الممتلكات العامة والخاصة، جميعها مقدمة لسيادة النائب العام، فهو المنوط به ملاحقة المجرمين والفاسدين، جميعها موجه إلى من وصفه القانون بأنه حامى حقوق وحريات الأفراد بصفته وكيلاً عن المجتمع، جميعها موجه إلى من اختاره الشعب وكيلاً عنه واستمد سيادته منه سلطاته وأوكل ببعضها إلى وكلائه المنتشرين فى أنحاء الجمهورية يلوذ به كل مظلوم ويلجأ إليه كل من سُلب حقه أو تعرض لاعتداء، كل البلاغات التى كان يتلقاها سيادته أو معاونوه كانت تحمل آلام وأنين أفراد أو مواطنين أو جهات رقابية، يحققها ويقيم الدليل عليها ويقدم مرتكبيها للقضاء ليقول كلمته فيهم.
لكن اليوم ألجأ لسيادتكم بهذا البلاغ لأن الجريمة التى أشتكى لسيادتكم منها قد وقعت بحق النائب العام شخصياً، وقعت على من يلوذ به الجميع، وقعت على من لم يغلق بابه فى وجه أى من المواطنين، اغتالته يد خائنة وهو فى طريقه إلى مكتبه ليمارس رسالته السامية فى تحقيق العدل وإنصاف المظلوم والاقتصاص من الظالم والمجرم، اغتالته يد آثمة فى نهار رمضان لم تمنعها حرمة الشهر الكريم، تمكنت منه أياد غاشمة وقلوب أعمتها الكراهية.
أتقدم لسيادتكم سيادة الرئيس ملتمساً التحقيق فى هذه الواقعة الجبانة التى طالت قمة السلطة القضائية فى مصر، فباسمى أنا وباسم جموع المصريين المسلمين والمسيحيين والشباب والنساء من أبناء مصر الغالية نرفع لكم هذا البلاغ بشأن واقعة اغتيال الشهيد المرحوم هشام محمد زكى بركات مواليد 21 نوفمبر 1950 ويعمل فى منصب النائب العام المصرى والذى اغتالته يد الإرهاب بتاريخ 29 يونيو 2015 بدائرة قسم مصر الجديدة..
ضد:
1- المجموعة الإرهابية الجبانة التى نفذت هذه الجريمة الشنعاء منذ فجر الإعداد لها مروراً بجلب واستقدام أدواتها من سيارات ومتفجرات ووسائل تكنولوجية استخدمت فى التفخيخ والتفجير وحتى إتمام القيام بها وعلى النحو الذى تناولته التقارير والمعاينات وأقوال شهود هذه الجريمة.
2- قيادات المجموعة الذين اشتركوا معهم بالاتفاق والتحريض والمساعدة على ارتكاب هذه الجريمة بأن أعانوهم وأمدوهم بأدوات مكنتهم من إتمام جريمتهم.
3- كل العناصر والدول والأجهزة الخارجية التى اشتركت بالاتفاق والمساعدة والتمويل مع هذه المجموعة الإرهابية والتى أمدتها بالمال والمعدات والمتفجرات والسيارات والمعلومات بهدف إتمام هذا العمل الإجرامى.
4- الأجهزة الأمنية المصرية التى تقاعست عن حماية هذا المنصب الرفيع وفشلت فى اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة وأهملت فى وضع الخطط الفنية لتأمين النقاط المحورية التى يمر بها ركب الشهيد المجنى عليه وتأمين خط سير الركب والإهمال فى الإشراف على من يتولون تأمين المنزل والمناطق المحيطة والمجاورة له والطرق المؤدية إليه والتى يستوجب سير الركب فيها حتماً.
وعلى وجه العموم كل من أهمل أو تقاعس أو فشل فى حماية شخص ومنصب النائب العام.
سيدى الرئيس.. نحن جموع الشعب المصرى نتقدم لسيادتكم بهذا البلاغ آملين تكليف المدعى العام العسكرى بالتحقيق فى الواقعة تحقيقاً قضائياً وبما له من قدرة على الاستعانة برجال المخابرات الحربية والمخابرات العامة والأمن القومى والأمن الوطنى وتكليفهم بجمع الأدلة والقرائن ضد كل من سبق ذكره فى هذا البلاغ، ولا يفهم من هذا أننا نطعن فى قدرة النيابة العامة على التحقيق لكننا ننأى بها عن هذه الواقعة التى تعد فى حقيقتها اغتيالاً لكل أعضاء النيابة العامة كونهم وكلاء من اغتالته يد الغدر والعدوان.
سيدى الرئيس.. لاشك أن هذه الجريمة إنما استهدفت منصب النائب العام الرفيع ابتداء، قبل أن تستهدف شخص الشهيد هشام بركات بهدف زعزعة الأمن القومى المصرى وخلق حالة من الفزع والرعب داخل جميع المؤسسات المصرية ابتغاء هدمها ومنعها من ممارسة دورها فى بناء الأمة علاوة على رغبتهم الدفينة فى خلق حالة من الفزع داخل نفوس المصريين وغرس روح الانكسار داخل كل مصرى، إن هؤلاء الخونة أرادوا إفقاد المصريين الثقة فى قدرة نظام الحكم على تحقيق الأمن والاستقرار، أرادوا بخبث دفين إرباك الدولة بكل أجهزتها وتعطيل مشروعاتها العملاقة التى بدأت ترى النور وعلى وشك افتتاح البعض منها بما يدعم مشروع التنمية فى مصر، أرادوا إرهاب المستثمر الأجنبى ومنعه من الاستثمار فى مصر، أرادوا إفساد النجاحات التى تحققت فى مجال سياستنا الخارجية التى رسمت صورة جديدة فى ذهن العالم الخارجى عن مصر وقياداتها فى الآونة الأخيرة.
سيدى الرئيس.. بات من الواضح أن الرد على هذه المخططات الخبيثة لن يتأتى إلا بالقبض على كل من شارك أو ساهم أو ساعد أو موّل هذه الجريمة الخسيسة وتقديمه للمحاكمة وتوقيع أقصى العقوبة عليه وتنفيذها على وجه السرعة تحقيقاً للردع العام ولإفساد مخططهم الذى لا يبتغون من ورائه إلا هدم الدولة ومؤسساتها وهذا لن يتحقق إلا إذا أسند الأمر برمته للقضاء العسكرى بما لديه من آليات وقواعد إجرائية تمكنه من إنجاز التحقيق والمحاكمة فى وقت قصير يعيد الثقة للمصريين ويشعرهم بأن القصاص مقبل لا محالة.
سيدى الرئيس.. أعلم أنك غاضب وأعلم أنك عازم بإذن الله تعالى على القصاص من كل من تجرأ على السيادة المصرية وعلى شهداء الوطن، وأعلم أنك لا تفرق أبداً بين من سالت دماؤهم الزكية من شهدائنا الأبرار سواء أبناء قواتنا المسلحة البواسل أو سيادة النائب العام. ولأن الغرض الإجرامى فى الجريمتين سواء التى تمت يوم 29/6/2015 باستهداف سيادة المستشار هشام بركات والجريمة التى وقعت يوم 1/7/2015 التى استهدفت أبناء القوات المسلحة البواسل المرابطين بالأكمنة التى وقع عليها الاعتداء ولأن الجريمتين ارتُكبتا بغرض إجرامى واحد هو زعزعة الأمن القومى وهدم مؤسسات الدولة وبالتالى فإن الجريمتين مرتبطتان ارتباطاً لا يقبل التجزئة لذا فقد انعقد الاختصاص للقضاء العسكرى بنظرهما معاً كونهما قد خطط لهما ونُفذتا من قبل تنظيم إرهابى واحد الأمر الذى نرى معه اختصاص القضاء العسكرى بنظر الجريمتين والتحقيق فيهما معاً وحتى صدور الحكم فيهما.
سيدى الرئيس.. الأمل فيكم كبير، والحمل عليكم ثقيل لكنه بعون الله أنتم أهل للمسئولية وقادرون على تحملها ونحن من قبل ومن بعد خلفكم ندعو المولى عز وجل أن يرشدكم إلى صواب الطريق لما فيه خير مصر وشعبها.
لذلك
يلتمس مقدمه التفضل بالأمر بإحالة هذا البلاغ لسيادة المدعى العام العسكرى للتحقيق فى هذه الوقائع وإحالتها للدائرة المختصة.
وللحديث بقية ما دام فى العمر بقية