طبق «قمر الدين بالمكسرات».. إفطار «مرقص» على مائدة جيرانه المسلمين

طبق «قمر الدين بالمكسرات».. إفطار «مرقص» على مائدة جيرانه المسلمين
طبق «قمر الدين بالمكسرات» كل ليلة كان يصنع بهجته فى ليالى رمضان، وعاد ليتذكر كيف كانت «أم محمد» رغم لهفة أبنائها الصغار على تناول طعام الإفطار، بمجرد انطلاق مدفع رمضان، تصر على انتظار حضوره، فهو ابن الجيران، حتى تكتمل «اللمة» وتحلو «اللقمة» التى يتناولونها معاً فى أجواء أسرية مترابطة.
ذكريات «سمير مرقس»، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، فى رمضان، تتجاوز سنوات عمره المديدة، فقد ارتبطت أسرته بعلاقات حميمة مع أسرة الشيخ الأزهرى محمد محمد عزب بحكم الجيرة، فيسكنان معاً فى أحد بنايات مصر الجديدة، وطوال الشهر الكريم كانت والدته تحثه على مراعاة مشاعر المسلمين، فتختفى مظاهر الإفطار فى نهار رمضان، ويفرح بانطلاق المدفع مثل «محمد» ابن الشيخ وصديق المرحلة الابتدائية.
مرت الأيام على «سمير».. كبر وتزوج وعاش مع أسرته الصغيرة فى شقة بمنطقة الهرم، لكن ظلت الأجواء الرمضانية بداخله، ويعاود إحياءها، فيتلقى الدعوة من أسرة الشيخ «عزب»، لاصطحاب أسرته والإفطار معهم يومياً فى مصر الجديدة، غير أن ظروف العمل والحياة كثيراً ما تحول دون تحقيق ذلك، وتلتقى الأسرتان على سفرة واحدة مرتين أو ثلاثاً خلال الشهر الكريم، الأمر الذى كانت تحتفى به زوجته الدكتورة «عايدة»، أستاذة اللغة الفرنسية بالجامعة، وابنتاه.
لحسن حظ «سمير»، فقد رزقه الله بجيران جدد، يحملون نفس المشاعر الأخوية تجاهه، كما يحرصون على إرسال طبق «قمر الدين بالمكسرات» له كل ليلة، ومهما حاول «سمير وعايدة» التعبير لهم عن امتنانهما بالهدية والاكتفاء بها مرة أو مرتين، يأتى الرد: «إحنا إخوات، وزى ما بناكل لازم تاكلوا، دى عاداتنا فى الأكل».
الابنة الكبرى للدكتور «سمير» هى «سوزان»، حاصلة على ماجستير فى اللغة الفرنسية، والصغرى «ديانا»، وكلاهما نشأت على مفاهيم التآخى والمحبة بين نسيج الوطن الواحد، فدائماً كان الوالد يقول لهما زميلتك هى أختك، لترسيخ مفاهيم الأسرة بداخلهما، الأمر الذى تحقق فى الواقع، فكانت «زينب وفاطمة»، أقرب الأصدقاء لهما، وحين تكونان خارج المنزل وقبل أن يشعر الدكتور «سمير» بالقلق عليهما، يتلقى اتصالاً من إحدى الصديقتين لطمأنته على ابنتيه، كما تحرص الصديقتان على دعوته للإفطار فى رمضان.
ويظل يتذكر استمتاعه بـ«الفوازير وألف ليلة وليلة»، وكيف كانت أسرته تتفاعل معها، الأمر الذى تغير الآن، فلم تعد المواد الدرامية والبرامجية لها بهجتها السابقة، ويأمل تركيز الإعلام فى الفترة الحالية على الأجواء الحميمة بين المسلمين والمسيحيين، لغرسها فى أطفالنا منذ الصغر، فنحن نسيج واحد وأمة واحدة.