"الغبارى": هجمات سيناء جزء من مخطط لإقامة "الدولة اليهودية"

كتب: محمد مجدى ومصطفى عريشة

"الغبارى": هجمات سيناء جزء من مخطط لإقامة "الدولة اليهودية"

"الغبارى": هجمات سيناء جزء من مخطط لإقامة "الدولة اليهودية"

شغل عدداً من المناصب المهمة والحساسة داخل المؤسسة العسكرية المصرية بدءاً من عمله مديراً لكلية الدفاع الوطنى بأكاديمية ناصر العسكرية العليا ثم عمله مديراً للشرطة العسكرية ثم مديراً لسلاح المظلات ثم مستشاراً لمدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا حالياً، ما مكنه من الخروج برؤية استراتيجية بعيدة المدى مبنية على قاعدة معلوماته وحجم علاقاته، فضلاً عن تحليله لمستجدات الأمور على الساحة ليخرج برؤية مختلفة عن الأوضاع التى تعيشها المنطقة والبلاد، هو اللواء دكتور أركان حرب محمد الغبارى. «الوطن» التقت «الغبارى» ليتحدث فى حوار خاص عن تحليلاته للواقع العسكرى فى المنطقة العربية والشرق الأوسط، ومواجهات القوات مع العناصر الإرهابية فى سيناء، وكذلك عن كواليس الصراع فى جمهورية اليمن باعتباره أحد مؤسسى كلية الدفاع الوطنى فى اليمن بمشاركة عدد من كبار الخبراء العسكريين المصريين فى عام 2006. ■ كيف ترى ما حدث فى سيناء أواخر الأسبوع الماضى؟ - ما حدث فى سيناء هو امتداد لسلسلة الإرهاب التى تعد إحدى الأدوات التى تمهد لمخطط الشرق الأوسط الجديد، لكن القوات المسلحة المصرية كانت له بالمرصاد، ونفذت تحركات على الأرض على أعلى المستويات هدفت أولاً لعزلهم عن المياه لمنع الهرب منها، وحاصرتهم من اتجاه غزة ليتبقى أمامهم الاختباء بين الأهالى والخروج فى الليل تجاه الطريق الدولى ليصطادهم طيراننا كالفئران. ■ كيف تقرأ الأحداث المتلاحقة فى منطقة الشرق الأوسط؟ - لا يمكننا أن ننسى أن جميع الأحداث التى نعيشها فى المرحلة الماضية تقع جميعها فى إطار مخطط الشرق الأوسط الجديد، وبعدما فُضح المخطط الأمريكى للمنطقة فإنها تحاول «التغطية عليه بأى طريقة»، وفى عالم الدول تكون التغطية على الأحداث الكبرى بأحداث كبرى مثلها، فيتم اختلاق أحداث جانبية تكون بالنسبة لك أموراً حيوية تستوجب التعامل معها، مثل اشتعال الأوضاع فى جمهورية اليمن فجأة وسط اختفاء لمجريات القتال فى سوريا، ومواجهة «داعش»، مع عدم السماع عن أى تفجيرات بالعراق، فحينما يتحدث الرئيس الأمريكى باراك أوباما عن حاجته لثلاثة أعوام لمحاربة الإرهاب، فهو ينظر كيف سيغطى على فشل مخططهم، وليس محاربة الإرهاب لأنهم هم صانعوه. ■ نسمع كثيراً عن هذا المخطط، لكن ما الدافع الذى يدفع الأمريكان وحلفاءهم للسعى لتحقيقه؟ - كان منذ قديم الأزل للدول الاستعمارية الكبرى رغبتهم فى السيطرة على قلب الحركة فى العالم، وهى تتمثل فى مصر والبحر الأحمر وقناة السويس، وزاد على الأمر السيطرة على ثروات البترول والنفط فى المنطقة، إلا أنه فيما نحياه حالياً زاد عليها مهمة جديدة للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط وهى إقامة الدولة اليهودية. ■ لكن إسرائيل دولة قائمة بالفعل. - لا، الأمر مختلف، فإسرائيل فى الخطة التنفيذية فى مراحل إقامة الدولة اليهودية هى المرحلة الثالثة، وهم يسعون حالياً لتنفيذ المرحلة الرابعة. ■ وما الفارق بين دولة الكيان الإسرائيلى والدولة اليهودية التى تتحدث عنها؟ - الفارق أن العقيدة اليهودية بها أن الرب أعطاهم الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير فى الفرات، ومن ثم فإن الحديث عن كونها من «النيل إلى الفرات» أمر غير صحيح؛ لأن نهر النيل أكبر من نهر الفرات، ولكن قديماً كان حد المطر للزراعة كبيراً ويصل حتى 300 كيلومتر داخل شبه جزيرة سيناء، وكان وادى العريش يمتلئ بالمياه طوال الشتاء، وهنا نشير إلى أن الأسفار كُتبت برؤية البشر، ومن ثم كان من حيث الرؤية أن نهر العريش هو أصغر من نهر الفرات، وتلك الدولة أمر لم يتحقق حتى الآن، وهم يسعون لتحقيقه.[FirstQuote] ■ لكنك تحدثت عن كون «إسرائيل» فى المرحلة الثالثة من مخططها. - لو قرأت وتعمقت فى أسفار العهد القديم ستجد أن سيدنا موسى حينما أخذ الأمر للخروج من أرض مصر أُمر بتجييش الشعب ليكون كله تحت السلاح، وحينما أراد أن يعود إلى أرض كنعان التى تركوها منذ عهد سيدنا يعقوب أرادوا أن يحققوا ذلك على 4 مراحل؛ أولها الاستكشاف والاتصال بالأرض، وتحقق ذلك فى عهد سيدنا موسى، وثانيها تحرير أرض واسعة بالقتال حسبما تشير الأسفار التى كتبوها لتكون المرحلة الثانية، ثم التوسع من نهر العريش إلى دمشق، ونجحت إسرائيل فى زرع كيان لها، واغتصاب أراضى سيناء قبل تحريرها، واغتصاب أراضٍ فى سوريا للعمل على تحقيق تلك المرحلة، ثم تتعدد المراحل وصولاً للدولة اليهودية المزعومة. ■ ولماذا لم يتحركوا لتنفيذ تلك الدولة فى السنوات الماضية؟ - حرب أكتوبر المجيدة ومعاهدة السلام «المصرية - الإسرائيلية» كانت أول خطوة فى ذلك، ثم قول الرئيس الراحل أنور السادات إن حرب أكتوبر هى الحرب الأخيرة بيننا وبينهم، وهنا أراد أن يخاطب شعبهم لفك عقيدته التى تجعله طوال عمره تحت السلاح، فالتجنيد لديهم حتى عمر 55 سنة، وهنا خرج شيمون بيريز، الرئيس الإسرائيلى السابق، وقال فى الكنيست عام 1984 إنه لمجابهة قول السادات فى هذا الأمر فلا بد من تنفيذ 3 نقاط رئيسية؛ أولها العمل على تفتيت العرب إلى أكبر قدر ممكن، والحرص على تزويد الجيش الإسرائيلى بأعلى تقنية موجودة فى العالم، ثم الحرب بالوكالة، وفى عام 1991 صاغ سياسة لتنفيذ قوله حينما أصدر كتابه «السوق الشرق أوسطية»، الذى هدف لتكون إسرائيل مركز الحركة المالية لدول المنطقة، وبالتأكيد رفضته الدول العربية، لكن «بوش الأب» تبناه عام 1994، وبدأ مخطط الشرق الأوسط الجديد فى الخروج إلى النور، والعمل على تقسيم العراق، وفى عام 2003 حينما تم القضاء على الرئيس العراقى صدام حسين أصبح التقسيم العراقى موجوداً على الأرض، وخرجت بعدها وزيرة الخارجية الأمريكية وقتها كونداليزا رايس لتقول إن مخطط الشرق الأوسط الجديد يهدف إلى حماية العقائد الدينية، والقوميات، وحدود الدم، إلا أنه مخطط يقوم على التقسيم، وأى تقسيم يُوجد نزاعات حدودية، باعتباره قائماً على التقسيم العقائدى والعرقى فإنك تزيد إليها ذلك، فضلاً عن أن الدول سُتقسم إلى إمارات لكل منها قومية، لترغب كل منها فى تكوين جيش والإتيان بالسلاح مما سيوجد دولاً عنيفة، وهنا تصبح إسرائيل «عسكرى الشرطة» فى المنطقة، ومع انتشار النزاعات الدينية والعرقية يتم إعلان «الدولة اليهودية»، وسط العمل على تحقيقها. ■ وما الفارق بين تلك الدولة وإسرائيل غير الحدود؟ - لدى اليهود نظرية تسمى «الحلولية»، وهى موجودة فى «التلمود»، فاليهود يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار، وأن الرب اختارهم ليعبدوه، ومن ثم يكون مُلزماً بتحقيق مطالبهم، وهنا جلس الحاخامات اليهود ليرفضوا الشتات الثانى لهم فى الدول الأوروبية، فتحدثوا عن وجوب عودتهم للأرض المباركة التى جلسوا فيها من قبل، وليحل الحاخامات محل الرسل باعتبارهم القائمين على مصلحة الشعب بدلاً من الأنبياء، وهنا ستجدها دولة عنصرية وعرقية متشددة تحتاج لوجود دول متشددة بمحيطها حتى يكون هناك توازن فى الأفكار معها، وهم لديهم تخطيط استراتيجى لإقامة تلك الدولة.[SecondQuote] ■ وما تخطيطهم لها؟ - طبقاً لمخطط الشرق الأوسط الجديد، فكان سيتم إعلان الدولة اليهودية بحلول عام 2020، إلا أن تخطيطهم الاستراتيجى تم تعديله بعدما أفشل الشعب المصرى الأمر ليحتمل إعلانها عام 2030. ■ تلك الدولة ستكون من «النيل للفرات» حسب زعمهم؟ - يقولون إنها من العريش للفرات طبقاً لمعتقدهم الدينى. ■ لكن الكنيست الإسرائيلى يرفع شعار «من النيل للفرات». - من يقولون ذلك هم السياسيون، ولكن الشخصيات الدينية تعلم أنه من العريش إلى الفرات فقط. ■ وهل إسرائيل تعترف بذلك حين يتم التحدث معها؟ - الأمر الأكبر من ذلك، إنهم يعلنونه بكل صراحة، فلو فتحت الموقع الإلكترونى للكنيست سترى شعار من «النيل إلى الفرات»، ولو فتحت موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية رقم 2، وبحثت تحت بند «تاريخ الدولة اليهودية» سترى خريطة الملك داوود «من العريش إلى الفرات»، ومكتوباً عليها «أراضى إسرائيل المغتصبة المطلوب استردادها»، رغم أنها جميعها أسفار من كتابات البشر، وليس الرب. ■ وهل يحتوى المخطط قطاع غزة؟ - فى البداية لم يكن بداخله، إلا أنهم وضعوه فيه. ■ ماذا عن معتقدهم الدينى؟ - فى معتقدهم أن سيدنا داود حصر الفلسطينيين فى غزة. ■ معنى حديثك أننا مقبلون على معركة كبرى. - حينما يتحدث أوباما عن أخذه فرصة 3 سنوات لمحاربة الإرهاب ونحن أسكتناه فى ليبيا فى يوم وليلة فعليك أن تتعجب، فهو «بيحضرلك وبيحضر لمصر لأننا ببساطة العمود الفقرى بالمنطقة»، فحينما نتحدث عن إحباط «30 يونيو» للمخطط لا نكون «بنطبل ولا بنهلل»، ولكنها مرحلة تاريخية مهمة سيذكرها التاريخ، ومدى بطولة الشعب المصرى بها. ■ وهل فى اعتقادك جماعة الإخوان الإرهابية كانت ستسهل هذا المخطط؟ - الإخوان كانوا سيوافقون على التطرف، وهو ما ظهر فى وضع «مرسى» لنحو 15 ألف إرهابى فى شبه جزيرة سيناء، فهى كانت «رايحة رايحة»، إلا أن «30 يونيو» هى مرحلة فاصلة بين السقوط إلى الهاوية، وبين عودة الدولة لتقف على «رجلها من جديد». ■ وهل تعتقد أن العمليات فى سيناء لها علاقة بمخطط إنشاء الدولة اليهودية؟ - على المدى البعيد، بالتأكيد، فوجود عناصر إرهابية وإخراج سيناء عن السيطرة، وإيجاد ولاية ضعيفة بالقرب من إسرائيل تنفذ تعليمات «تل أبيب» و«واشنطن» أمر أساسى فى مخطط إقامة تلك الدولة، إلا أن قواتنا المسلحة تعى تماماً حجم المؤامرات التى تُحاك للوطن، وتسعى لمواجهتها بأفضل الطرق. ■ إقامة الدولة هدف بعيد لتلك العملية.. هل هناك أهداف قريبة؟ - بالطبع، ومنها منع الوفود الدولية التى ستقدم فى افتتاح قناة السويس الجديدة، وتخويف المستثمرين العالميين من الاستثمار فى قناة السويس باعتبارنا دولة لا تستطيع السيطرة على مدينة فيها، فضلاً عن إحباط النهضة التنموية المنتظر تحقيقها بعد افتتاح القناة، وتشغيل أكثر من نصف مليون مصرى بها، بما ينعكس على رفع مستوى معيشة المواطنين، وتحسين أوضاع الاقتصاد المصرى بشكل ملحوظ، وهى جميعها أهداف يخاف الغرب من أن تتحقق فى مصر، فهم يريدون إفشال الدولة المصرية بأى شكل ممكن.[ThirdQuote] ■ تعتبر أحد أبرز الخبراء العسكريين فيما يتعلق بالشأن اليمنى.. لماذا تم صنع الأزمة اليمنية فى رأيك؟ - باعتبارها حدثاً كبيراً للتغطية على السنوات الثلاث للتحضير لك بالتأكيد، فلو لم يوجد الحوثيون وليبيا ستكون أعين العالم على سوريا والعراق، وهم وصلوا بالإرهاب إلى ذروته هناك ولم يعد من مزيد، لذا فيجب أن تهدأ الأوضاع حتى يكون للموجة الثانية منها تأثير، فيتم اصطناع «موقف يتعبك»، ويرهق المتضامنين معك مثل دول الخليج العربى، وما يحقق ذلك بالنسبة للمملكة العربية السعودية هو خطوط التجارة والبترول التى يصدر منها، وإمكانية عمل غزو أرضى له، ففى عام 1996 طرحت مجلة عسكرية أمريكية تقسيم السعودية إلى 5 مناطق، وبشكل عام يعتبر ذلك خراباً على السعوديين، وبالنسبة لك فى مصر، فالأمر يتعلق بمضيق باب المندب بسبب حركة الملاحة فى قناة السويس، ومشروعاتك الجديدة التى ستحققها هناك. ■ بحكم مشاركتك فى تأسيس كلية الدفاع الوطنى فى اليمن.. هل تعرف الحوثيين وطبيعة تفكيرهم؟ - نعم، أعرفهم جيداً، ومن يقاتل على الأرض فى اليمن هم الجنود التابعون لعلى عبدالله صالح، فالحوثيون فى الأساس هم قبيلتان اثنتان من صعدة، وكانوا حينما يهددون الدولة اليمنية يصلون إلى محافظة عمران شمال صعدة، وحينها يتحرك لواء مشاة اسمه «اللواء 117»، وحينما كان يظهر كانوا يفرون، فهم محترفون على القتال فى الجبال وليس المدن، لكن حينما جاء لهم دعم المستشارين الإيرانيين علموهم كيف يحكمون سيطرتهم على المدن. ■ ولماذا يظل جزء من الجيش اليمنى تابعاً لعلى عبدالله صالح رغم أنه لم يعد رئيساً للبلاد؟ - حينما كنا فى اليمن عام 2006، رأينا بأعيننا أن ولاء الجيش هناك لزعماء وقبائل لا للدولة ورئيسها، فالجيش كان يحكمه «صالح»، لكن من يتزعمه نجله وأخوه «على محسن»، وحينما اندلعت الثورة اليمنية عام 2011، واتفقوا على تنازل على عبدالله صالح عن الحكم إلى عبدربه هادى منصور، ظهر أن التيار الغالب على الساحة هو الإخوان المسلمون، وهنا أيده على محسن بقواته، وحينما استغرق الأمر فترة طويلة، وعادت النرجسية إلى «صالح» أراد أن يعود للحكم، ويورثه لنجله. ■ وأين ذهب الإخوان المسلمون على الساحة؟ - الحوثيون نجحوا فى كسح الإخوان، واستخدمهم على عبدالله صالح فى تحقيق ذلك، وهو يعلم تماماً أنه قادر على الضغط عليهم وإرجاعهم إلى صعدة مرة أخرى، فهو حارب ضدهم أكثر من 10 سنوات ويعلمهم جيداً، وكان اتفاقه معهم أن يصلوا إلى صنعاء لـ«يركب على الثورة»، ويعود للحكم، إلا أن «منصور» هرب إلى عدن، وحينما بدأت «طهران» فى «اللعب فى اليمن» بدأت تزداد قوة الحوثيين معهم.