«أنغام» والمتحف.. «حالة خاصة جداً»

هدى رشوان

هدى رشوان

كاتب صحفي

فى ليلة لا تُنسى، امتزجت فيها ألحان الموسيقى برائحة التاريخ العتيق، قدمت المطربة أنغام حفلاً استثنائياً فى المتحف المصرى الكبير، لتخلق حالة من التناغم الفريد بين الفن المعاصر والحضارة المصرية القديمة. بين أعمدة الفراعنة الشامخة وكنوز مصر الخالدة، عزفت أنغام على أوتار قلوب الحاضرين، مقدمةً لهم تجربة استثنائية تدمج بين سحر الفن وجلال التاريخ.

كان لى الحظ فى حضور العديد من حفلات أنغام على مدار السنوات، لكن هذه المرة كانت الأمسية بالفعل «حالة خاصة جداً»، ففى قلب المتحف، وقفت أنغام على المسرح وبدأت بأغانيها الشهيرة، كما لو كانت تصف هذه اللحظة الفريدة التى تجمع الماضى بالحاضر.

مع كل نغمة، شعرت وكأننى أعيش تجربة استثنائية، حيث امتزجت موسيقى أنغام مع سحر المكان التى تلقى بظلالها على المسرح. الأضواء الخافتة والموسيقى الحالمة جعلت الجميع يشعرون بأنهم فى رحلة مبهرة لا تشبه أى حفل آخر.

عندما صدحت أنغام بأغنيتها «بتوصفنى بتكسفنى»، شعرت وكأنها تُخاطب المتحف نفسه، الذى يصف حضارة مصر العظيمة بتفاصيلها المذهلة. تصاعدت أنغام الأغنية فى السماء، تتردد بين أروقة المتحف وأعمدة الآثار، ليجد الحضور أنفسهم فى حوار بين الفن الحديث والعراقة. كان صوت أنغام يتردد وكأنه يغنى للمكان، ويمتزج مع الحماس فى أعين الحاضرين الذين شعروا بجمال اللحظة.

كانت ليلة أطول من الزمن وكانت أنغام فى هذه الليلة «متسلطنة» بكل ما تحمله الكلمة من معنى، غنت لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة، وعلى الرغم من أنها كانت قد قدمت حفلاً آخر قبلها بيوم امتد لثلاث ساعات أيضاً، إلا أن سحر الحفل جعلها لا ترغب فى التوقف. كان واضحاً للجمهور أنها تغنى بشغف، وكأنها تريد أن تطيل اللحظة قدر المستطاع. لم يكن الحفل مجرد أداء مسرحى، بل كان حالة فنية عميقة، تشاركها أنغام مع كل من حضر تلك الليلة، ليشعر الجميع بأنهم جزء من تجربة تتجاوز حدود الزمان والمكان.

استضافة هذا الحفل فى المتحف المصرى الكبير لم تكن صدفة، بل جاءت لتؤكد رؤية جديدة نحو استخدام المتاحف كمراكز ثقافية حية، تجمع بين إرث الماضى وابتكارات الحاضر، استطاعت الشركة المتحدة من خلال تنظيم هذا الحفل أن ترسل رسالة قوية للعالم، مفادها أن مصر قادرة على أن تكون فى الصدارة دائماً، سواء من خلال الإمكانيات الهائلة المتاحة فى المواقع التاريخية الفريدة، أو من خلال قوتها الناعمة المتمثلة فى فنانيها الكبار الذين يحملون تراثاً موسيقياً وثقافياً يمتد لعقود.

من خلال هذا الحدث، أكدت «المتحدة» قدرة مصر على تحويل أى حدث فنى إلى تجربة فريدة لا مثيل لها، فالأمر لا يتعلق فقط بالصوت الرائع أو التجهيزات الحديثة، بل بجوهر التجربة المصرية التى تجذب القلوب قبل العيون، مصر لا تقدم حفلة فقط، بل تقدم رحلة فى الزمن والتاريخ والموسيقى، وهو ما لا يتوافر فى أى مكان آخر.

شكراً أنغام، لقد كنتِ بحق سفيرة للفراعنة وتراثهم الغنائى، صوتك العذب وُلد من قلب الحضارة ليُعيد إحياء عظمة الماضى. بفضل أدائك المتميز، أعطيتِ الجمهور فرصة ليعيش تجربة لا تُنسى، حيث التقى سحر التراث المصرى القديم مع إبداع الموسيقى المعاصرة. شكراً لأنكِ حملتِ صوت مصر للعالم بأسره، وجعلتِ من هذه الليلة رسالة حب وفخر بالحضارة المصرية.