من "تسريبات" لـ"اختفاء قسري".. مصطلحات برزت بعد ثورة 30 يونيو

كتب: سلوى الزغبي

من "تسريبات" لـ"اختفاء قسري".. مصطلحات برزت بعد ثورة 30 يونيو

من "تسريبات" لـ"اختفاء قسري".. مصطلحات برزت بعد ثورة 30 يونيو

بعد الثورات مثلما تتغير القواعد التي ظنها الكثيرون "ثابتة" تهتز مصطلحات وتندثر وتظهر أخرى في الأفق، والشائع يختفي ويحل محله ما كان استخدامه شحيحًا في الأوساط السياسية. فكما عرف المصريون مصطلح "نشطاء" عقب ثورة 25 يناير، برز في حديثهم اليومي 5 مصطلحات سياسية أخرى، منها معروف في الأوساط العالمية، وبعيدة عن الشارع المصري، وأخرى ابتكرها الشعب نفسه، أو استدعاها من ذاكرة التاريخ وبلورها في قوالب تختلف في مضمونها عما عُرفت به في الأصل. ترصد "الوطن" 5 مصطلحات سياسية تبلور استخدامها وصارت كلمات متناثرة يتداولها العامة وفقًا لأهواءهم: 1ـ تسريبات: أولى الكلمات التي كان ينحصر استخدامها أغلب الوقت في إطلاق العامة هذا اللفظ على تداول الطلاب ورقة أسئلة امتحانات الثانوية العامة، مطلقين عبارة "الامتحان اتسرّب"، لكن بعد ثورة 25 يناير أصبح مصير الوثائق ومستندات أمن الدولة نفس ما انتهت إليه امتحان الثانوية العامة، وقتما اقتحم عدد من المواطنين مقرات أمن الدولة عقب اندلاع الثورة، والإطاحة بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك. تبلور المصطلح بعد ثورة 30 يونيو وتوسع استخدامه فشمل المستندات والأوراق المهمة إلى جانب "تسريب المكالمات"، حيث أذاع الكاتب الصحفي عبدالرحيم علي، من خلال برنامجه "الصندوق الأسود"، الذي كان يذاع على قناة "القاهرة والناس"، عددًا من المكالمات الهاتفية لنشطاء ثورة 25 يناير، ولعدد من أعضاء حركة 6 أبريل. وكانت أشهر المكالمات المسربة، واحدة بين أحمد ماهر مؤسس حركة 6 أبريل وأحد النشطاء ويدعى "سوكة"، وتدور المكالمة حول ملفات تمت سرقتها وتصويرها، ويطلب ماهر منه إرسالها له إلا أنه يخبره بأن الأوراق مع شخص يدعى إسلام سعيد، وسيرسلها على الإيميل كما أخبره بما شاهده بالداخل من مقتنيات ومتعلقات تخص أحد الضباط. على الجانب الآخر، انتهجت قناة "مكملين" المؤيدة لجماعة الإخوان نهج عبدالرحيم علي، بإذاعة مكالمات وأحاديث مسربة لقيادات مركزية في الدولة تدور حول أسرار في إدارة البلاد من شخصيات مختلفة. 2ـ الطابور الخامس: "الطابور الخامس" التعبير الذي ظهر للمرة الأولى أثناء الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936، حيث كانت تتكون القوات الزاحفة على مدريد من 4 طوابير، بينما كان هناك طابور خامس يعمل خلف خطوط العدو، لأداء مهام بعينها لصالح الطرف الآخر، ومن حينها أصبح يُطلق على الجواسيس والعملاء. توسع المصطلح ليشمل مروجي الإشاعات ومنظمي الحروب النفسية، أثناء الحرب الباردة، لكنه في عام 2011، ترك العالم الغربي واستقر في الشرق خصوصًا في مصر، حيث أطلق إبان ثورة 25 يناير على "الفلول" اللقب الذي أُطلق على أنصار الرئيس الأسبق حسني مبارك، لكنه توسع أكثر بعد ثورة 30 يونيو، وشمل جماعة الإخوان وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، وكذلك الرافضين لبعض التصرفات والقرارات التي أُتخذت من صناع القرار في مصر عقب عزل مرسي. ومن الشخصيات التي اتصفت بهذا المصطلح، الدكتور محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور السابق، والدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية، حتى توسع المصطلح تاركًا أهل السياسة وشمل أيضًا رجال العلم مثل الدكتور عصام حجي، الذي كان يشغل منصب المستشار العلمي للرئيس السابق عدلي منصور حينما انتقد الجهاز المعالج لفيروس سي والإيدز الذي ظهر به اللواء إبراهيم عبدالعاطي، وأشار إلى أنه لا يمت للعلم بصلة، فلاقى اتهامات عدة بأنه "طابور خامس" و"عدو للبلد"، وصار اللقب ملاصقًا لكل الرافضين لأوضاع يوافق عليها المعظم أو الظاهرين على الساحة الإعلامية والسياسية. 3ـ الخلايا النائمة: مصطلح قد يعتبره البعض علميًا لارتباط الخلايا بالأجزاء التشريحية في المخلوقات على وجه الأرض، لكنها اقتحمت الفكر المصري بعد ثورة 30 يونيو بمعانٍ مغايرة، وصارت تعبر عن الأشخاص المنتمين إلى الإخوان، على اعتبار أنهم خلايا نائمة تعمل لصالح الإخوان، يتظاهرون باستقلالهم عن الجماعة وهم ينتمون إليها في حقيقة الأمر. وتسرّب المصطلح إلى العامة والمسؤولين، وصارت أجهزة الدولة متمثلة في الوزارات والنقابات تبحث عن المنتمين إلى جماعة الإخوانب بداخلها، ويعملون على تعطيل العمل إبان ثورة 30 يونيو انتقامًا من المتحجين على الرئيس المعزول، وصار البحث عن الخلايا النائمة جزءًا لا يتجزأ عن ثوابت العمل الإداري، حتى في 17 فبراير 2015. وشدد اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق، خلال اجتماعه وقت توليه، على أهمية الكشف عن الخلايا الإرهابية النائمة والبحث عنها وتوفير جميع المعلومات من قطاع الأمن الوطني عن التنظيمات الإرهابية المتعاونة مع "داعش ليبيا" لكشف مخططاتهم الإرهابية تجاه مصر، وتكثيف الحملات الأمنية في المحافظات الحدودية من الجهه الغربية من ناحية ليبيا والجنوب لمنع تسلل أي إرهابيين إلى البلاد خلال الفترة المقبلة. 4ـ الاختفاء القسري "يختفي الناس بكل معنى الكلمة من حياة ذويهم وأحبتهم ومجتمعاتهم عندما يختطفهم المسؤولون من الشارع أو المنزل ثم ينكرون وجود هؤلاء الأشخاص في عهدتهم أو يرفضون الكشف عن أماكن تواجدهم، وهذه ممارسة غير قانونية"، هذا هو التعريف الذي أوردته منظمة العفو الدولية عن الاختفاء القسري الذي يمارس في كل دول العالم حتى مصر قبل ثورة 25 يناير، ولكن على وجه لم يكن يشعر به العامة، لكنه بعد ثورة 30 يونيو ومع توسع شبكات التواصل الاجتماعي تبلور استخدامه والكشف عن حالات كثيرة تتعرض لهذا الموقف. وأكدت الدكتورة سوزان فياض، الطبيبة بمركز النديم، تزايد حالات الاختفاء القسري بمعدل 42 مرة خلال النصف الأول من 2015 عنها في النصف الأخير من عام 2014، مشيرة إلى تزايد ظاهرة الاختفاء القسري في فترة يناير من يونيو 2015، بنحو 42 حالة. ورصد تقرير مركز التنسيقية المصرية للحقوق والحريات 228 حالة اختفاء قسري في شهر أبريل و393 حالة في مايو الماضي، أغلبها في محافظات شمال ووسط الجمهورية. 5ـ تحيا مصر لم يكن يستدعي المواطنون تلك الجملة إلا في المناسبات الوطنية والمواقف التي تبرز معاني حب البلاد من داخلهم، حتى أضحت مصطلحًا مُركبًا يقال في كل الأوقات منذ أن اتخذه المشير عبدالفتاح السيسي شعارًا لحملته الانتخابية الرئاسية العام الماضي. ونُقشت على الطائرة الخاصة بالرئاسة عقب توليه الحكم، وكثُر استخدامه في شكله الجديد بعدما أعلنت رئاسة الجمهورية، في يوليو 2014، تدشين وإنشاء صندوق "تحيا مصر" لدعم الاقتصاد وفتح حساب له بالبنك المركزي تحت رقم 730730 لتلقي مساهمات المصريين في الداخل والخارج بجميع البنوك المصرية لحساب الصندوق، وصار لا يفارق الرئيس حيث يُنهي به معظم خطاباته السياسية، وصار شعارًا للفنانين في كل الإعلانات التليفزيونية التي تهدف إلى تحسين ظروف وأوضاع يمر بها المجتمع.