السادات.. «البكباشي صح»

بلال الدوي

بلال الدوي

كاتب صحفي

وُلد «أنور السادات» في قرية «ميت أبوالكوم» التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية، فلاح، تربى وسط أهالي القرية، عاش فى مُقتبل عُمره -فى الريف- حياة بسيطة، تعلم فى مدارس القرية وحفظ القرآن فى الكُتاب، فى شبابه عاصر أحداثاً سياسية أثرت فى تاريخ «مصر» وأثرت فى شخصيته، نبغ سياسياً مُبكراً، أفكاره ارتبطت -فى البداية- بالاستقلال الوطنى ومجابهة الاحتلال، قارئ جيد للتاريخ، لديه أسلوب بديع فى السرد، بليغ جداً فى حديثه.

«أنور السادات» حياته شهدت هبوطاً وصعوداً ومَدّاً وجَزراً وكبوات ومآسى، هى حياة أقرب للميلودراما السينمائية، فهو العامل فى محجر فى محافظة البحيرة، والمقيم لدى صديقه فى طنطا، والمتهم بقتل أمين عثمان والهارب من المحكمة والحاصل على البراءة فى النهاية، والمتعاون مع الحرس الحديدى -التابع للملك- لحساب الضباط الأحرار بتعليمات من جمال عبدالناصر، والأهم هو: صديق جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر اللذين قادا الضباط الأحرار، والوحيد ضمن الضباط الأحرار الذى لم يتولَّ منصباً وزارياً، والوحيد الذى تولى منصب نائب رئيس الجمهورية وبعدها صعد ليتولى منصب رئيس الجمهورية، ولم يكن طامعاً فى سلطة أو وزارة أو منصب، حينما رأى الخلافات والصراعات تتزايد داخل صفوف الضباط الأحرار قام بتفويض «عبدالناصر» فى كل قرار يتم النقاش لإصداره، لدرجة أن باقى أعضاء مجلس قيادة الثورة أطلقوا عليه لقب (البكباشى صح) لأنه كان يقول دائماً (صح) لأى قرار يتخذه «عبدالناصر»، وحينما كان يستشهد به «عبدالناصر» فى أى موقف أثناء انعقاد مجلس قيادة الثورة كان يقول (كلامك صح يا جمال).

«أنور السادات».. ظل مُحتفظاً بعلاقة وطيدة مع صديقه «جمال عبدالناصر» منذ تخرجه فى الكلية الحربية فى عام 1938 حتى اختاره نائباً لرئيس الجمهورية فى (19ديسمبر 1969)، فى بداية حُكمه فوجئ بـ«رِجال عبدالناصر» يريدونه رئيساً صورياً أقرب إلى الديكور، أرادوه واجهة فقط وهُم الذين يحكمون «مصر» فعلياً، لكنه أطلق عليهم لقب (مراكز القوى) وأوقعهم فى الفخ وقبض عليهم وحبسهم وحُكم عليهم وانفرد بالحُكم، أعلن عن بدء الحياة الحزبية وأرسى دعائم الديمقراطية، وتسبب فى الانفتاح الاقتصادى ونال نقداً شديداً، اليسار والشيوعيون سببوا صداعاً فى رأسه فأخرج لهم ورقة الإخوان لمواجهتهم.

«أنور السادات».. خطط لحرب أكتوبر المجيدة وقاد الحرب فى (6 أكتوبر 1973) وانتصر وأعاد الأرض وفرض السلام ووقّع اتفاقية السلام مع إسرائيل وكان له بُعد نظر يُحسد عليه، شجاع ومِقدام وذهب للكنيست الإسرائيلى لكى يحرج إسرائيل ويغصبها على إتمام السلام وهو سلام الأقوياء المنتصرين، قال جُملته المشهورة (99% من أوراق اللعبة فى الشرق الأوسط فى يد أمريكا) لتُثبت الأيام والسنون أنه كان مُحقاً، داهية سياسية بكل ما تعنيه الكلمة، ما زلنا نترحم عليه حينما يأتى اسمه ونقول: الله يرحمك يا سادات، كان عبقرياً واعياً مُناوراً مُخطِّطاً مُدبِّراً وطنياً متواضعاً إلى أقصى حد. «أنور السادات» الذى يتعرض لهجوم مُفتعل من مجموعات معروفة بالاسم رغم أنه من أعاد سيناء ووقّع سلاماً مع إسرائيل، الكُل يحاول توقيعه الآن، وسائل الإعلام الغربية قالت عنه: «سابق عصره وأوانه وضحك على الإسرائيليين وأعاد الأرض وأعطاهم ورقة لا قيمة لها»، هو الذى قال فى كتابه «البحث عن الذات»: «الشعب المصرى قد ينزف دماً لكنه لا يتخلى أبداً عن دوره الوطنى، وتجده مثل الأسد الذى يخرج من عرينه لينتفض فى وقت قد يظن البعض بأنه صامت».. فتحية إلى روح الزعيم الرئيس السادات بطل الحرب والسلام.