في مديح الشيخوخة

رفعت رشاد

رفعت رشاد

كاتب صحفي

حددت منظمة الأمم المتحدة يوم أول أكتوبر من كل عام يومًا للمسنين في جميع أنحاء العالم، المسن أو المصنف في سن الشيخوخة حسب معايير المنظمة الأممية من زاد عمره على 65 عاما، وحددت المنظمة عدد المسنين في العالم بما يقدر بحوالي 7% من عدد سكان الكرة الأرضية ومن المتوقع أن يزيد عدد المسنين حتى عام 2050 إلى 17% من إجمالي سكان العالم.      

هناك من يرى أن الشيخوخة تحرم الإنسان من الحياة النشيطة، فعن أي نشاط يقصدون؟ هل المقصود تلك الأنشطة التي نشارك فيها ونحن شباب أقوياء؟ حتى لو كان هذا صحيحا، فمن المؤكد أن هناك أنشطة أخرى عقلية تناسب كبار السن حتى وإن أصاب الوهن الجسد.

إن النشاط لا يقتصر على الجسد فقط فما يقتصر على الجسد هو النشاط العضلي، أما النشاط العقلي فهو أكثر شمولا، فالموسيقار لا يحتاج إلى عضلات قوية لكي يقوم بدوره في التلحين أو العزف أو قيادة الفرقة الموسيقية، كذلك الرسام الذي يشكل لوحات بديعة لا يحتاج إلى عضلات منبسطة، هو يحتاج إلى فكر وخيال وقدرة على تجسيد رؤاه بشأن ما يرسمه، كذلك الشاعر الذي يكتب أروع القصائد والأديب الذي يذخر البشرية بإبداع لا ينتهي والأستاذ الجامعي الذي يقدم عصارة أبحاثه لطلابه وفي كتبه.

هؤلاء وغيرهم كثيرون يستخدمون عقولهم بصورة أكبر من عضلاتهم وكلما زادت أعمارهم وكبر سنهم زادت قيمتهم وقيم ما يقدمونه للبشرية، فالأديب لا يبدع في شبابه بقدر ما يبدع بعدما يكتسب الخبرة وينضج فنيا ودراميا، وهل يقارن الموسيقار الشاب بالموسيقار الأكبر عمرا والأكثر نضجا! إن كبر السن في هذه الحالة هو وصول إلى بر الحكمة والتعامل بنضج وحنكة.

ربما لا يتمكن بعض الشباب ممن يعانون من إعاقة جسدية من القيام بنفس أنشطة أقرانهم الذين في نفس أعمارهم لكن يمكنهم ممارسة نشاط عقلي يبدعون فيه ويعوضهم عن فقدان القدرة العضلية أو الحسية.

إذا سألنا شيخا: هل ترغب في العودة إلى عمرك الشبابي وتترك ما اكتسبته من خبرة في الحياة؟ فماذا يكون رده؟ هل يقول: ألا ليت الشباب يعود يومًا.. فأخبره بما فعل المشيب؟ أم سيتمسك بما حققه من إنجاز في حياته وبالخبرة التي اكتسبها ولا يمكنه تعويضها؟