الأزهر بين تبني المتصوفة ورفض المتمصوفة
- أعضاء هيئة التدريس
- القطاع الطبي
- المستشفيات الجامعية
- المشرف العام
- المنظومة الطبية
- تطوير العمل
- جامعة طنطا
- خدمة طبية متميزة
- رئيس جامعة
- أجهزة
- أعضاء هيئة التدريس
- القطاع الطبي
- المستشفيات الجامعية
- المشرف العام
- المنظومة الطبية
- تطوير العمل
- جامعة طنطا
- خدمة طبية متميزة
- رئيس جامعة
- أجهزة
التصوف من المفاهيم المركّبة التى اختلف حولها الناس، حتى قال الشيخ أحمد زرُّوق: «للتصوف نحو ألفى تعريف، مرجعها كلها لصدق التوجه إلى الله، وإنما هى وجوه فيه»، وعرّفه الإمام الرائد محمد زكى إبراهيم بأنه: «التخلى عن كل دنىء، والتحلى بكل سُنِّى، سلوكاً إلى مراتب القرب والوصول، وإعادة بناء الإنسان وربطه بمولاه، فى كل فكر وقول وعمل ونية، وفى كل موقع من مواقع الإنسانية فى الحياة العامة».
وظل الأزهر الشريف هو محضن التصوف فى العالم الإسلامى، ومثَّل التصوف ركناً أساسياً فى توجهات وسلوكيات وانتماء الذين تولوا مشيخة الأزهر وأعلام الأزهر وهيئاته العلمية المختلفة، وقد استقر اختيار الأزهر على اعتماد المذاهب الأربعة فى الفقه، والأشاعرة فى العقيدة، والتصوف فى السلوك.
وحافظ الأزهر على التراث الإسلامى الصوفى والاهتداء بقيمه وسلوكياته الرفيعة المستمدة من القرآن والسنة، أمثال الأئمة: الدمنهورى، والشرقاوى والجيزاوى وعبدالحليم محمود والظواهرى والمطيعى ومخلوف ومصطفى عبدالرازق والمراغى وصادق العرجانى والغمارى والخضر حسين ومحمد الغزالى وصالح الجعفرى إلى عدد لا حصر له من الأحياء.
يقول الأديب الكبير الدكتور رجب البيومى: «عندما نقول: الأزهر والتصوف فكأننا نقول الأزهر والإسلام فى أرفع درجاته، وأسمى منازله، فليس بين التصوف والإسلام تباين، ولا بين مدلوليهما فروق، فالتصوف هو روح الإسلام، وهو الروحية المطمئنة التى تسمو بعلاقة الإنسان بالله، وترفعه بها عن أدران المادية العمياء.
وتغمر أضواؤها جوارحَه ومشاعره وخطرات نفسه، وإن التصوف هو الذى يملك زمام العقيدة، حتى لا تضعف، ولا تهن، ولا تتبدل حقائقها، ولا تفتر أسبابها أمام تطور الحياة وخطوبها وأحداثها، لقد كان الصوفيون خلال عصور التاريخ الإسلامى هم أطباء الأرواح، والدواء الناجع الذى نعالج به أزمات النفس، ومشكلات العاطفة، وانفعال المشاعر».
وهذا كله عن التصوف المنضبط، وأما الشطحات والتجاوزات المختلفة فلا علاقة لها بالتصوف، وأهلها متمصوفة وليسوا متصوفة، والأزهر الذى تبنى التصوف وجعله ركناً من أركانه هو الأزهر الذى انتقد التطبيقات الخاطئة من منسوبى التصوف، حتى قال فى بيانه للناس:
«مع توالى الأجيال واختلاف المؤثرات شاب نقاء الطرق الصوفية شوائب حاول بعض شيوخها تنقيتها، ولم يحاول بعضهم الآخر، ومن هنا كثرت التعليقات عليها، ووجدت مؤلفات فيها أمور غريبة، فى ظاهرها مخالفة للشريعة، يلتمس بعض المتعصبين لها الأعذار، إما بأنها مدسوسة أو أنها تعلو على الأفهام لا يعرفها إلا من عايشها، وهناك توجهات من العقلاء بالحذر من شطحات الصوفية، والمهم أن نتريث فى الحكم، وأن نحاول الإصلاح بالحكمة دون العمل على الهدم من أجل الهدم، مع الحذر من خطورة الفراغ الروحى».
وقال الإمام الأكبر عبدالحليم محمود: إن بعض أدعياء الصوفية شوهوا صورة التصوف، وأدخلوا فيه ما ليس منه، مما يخالف أسس التصوف وقواعده، وتحولوا به عن هدفه الحقيقى، فغالوا فى الحديث عن الكرامات، وجنحوا به إلى الشعوذة والمظاهر البعيدة عن روح الإسلام الصحيحة، ولذلك فمن يريد التصوف الحقيقى عليه أن يبحث عن التصوف فى أهله.
وانتقدت دار الإفتاء المصرية ما يفعله العوام عند الأضرحة، ويقول الإمام يوسف الدجوى عالم الأزهر والمتحدث باسمه: «ما أحدثه الناس فى مجالس الذكر يعتبر بدعاً باسم التصوف، لا يقرها عقل ولا دين، وتكاثرت بسبب عدم العناية بالتنفير منها، فغطت جلال الإسلام ورونقه بستار، وأحدثت أضراراً عظيمة، ومفاسد جسيمة، ومن شرها مُزج الذكر باللهو، وهؤلاء المنتسبون للتصوف - والتصوف بعيد عنهم - يعيشون فى ظلمات لا نُورانية، ووساوس شيطانية لا إلهامات ربانية».
والشيخ محمد الغزالى يقول: «التراث الصوفى الصحيح فيه قضايا فى ذروة الشرف والسناء، وأيضاً فيه مخالفات لا وزن لها، حيث الأفكار المجذوبة، والمشاعر المخبولة، وذهبت كثيراً كموفد رسمى لوعظ زوار ضريح أحمد البدوى، فشهدت من أعمال الزوار ما يستدعى الجلد بالسياط، لا ما يستدعى الزجر بالكلام فقط».
وإلى يومنا هذا لم يتوقف علماء الأزهر عن دعم المتصوفة أصحاب التصوف الحقيقى، ونبذ (المتمصوفة) أدعياء التصوف ومشوهى صورته ممن يزعمون الانتماء له.
والحاصل أن التصوف هو روح الإسلام، سواء يسمى التصوف أو التزكية أو تربية النفس، وأن التصوف هو الحصن الواقى من التطرف وجماعاته ويمثل ركناً من منهج الأزهر، والقضاء عليه دعوة صريحة لخدمة التطرف، إلا أن شطحات بعض المنتسبين للتصوف تمثل إساءة للتصوف كله، ولذلك نأمل منع كل ما من شأنه أن يكدر التصوف ويشوه صورته من (المتمصوفة).