الجنة.. فيها رسول الله

قال التلاميذ لشيخهم ابن المنكدر: حدثنا عن الجنة. فقال: «فيها رسول الله»، لم يزد على هذه الكلمات، التى تعنى الكثير والكثير، تعبير رائع دقيق مختصر، أى إنه لو لم يكن فى الجنة من النعيم سوى رسول الله لكفى، أى يكفيك من الجنة أن ترى وتقابل وتتمتع برسول الله، فرؤيته سلوى لمن لم يشرف بالعيش معه والقرب منه ورؤيته فى الدنيا.

وأضيف إلى تلك الإجابة: فيها الأنبياء وعلى رأسهم محمد، صلى الله عليه وسلم، وفيها حواريو الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون، وكل من تمتعت بسيرته الطيبة ومسيرته المباركة فى الدنيا، ساعة تجلس مع الخليل إبراهيم، ويوماً مع موسى، كليم الله، ومرة مع وزيره وشقيقه هارون، وتارة مع نوح، وأخرى مع يوسف وإخوته ووالديه، وأياماً مع محمد، صلى الله عليه وسلم، وصحابته، تجلس مع أبى بكر، الإمام العظيم والقائد الحنون، والفاروق عمر، الحازم القوى، ومع على بن أبى طالب، الحكيم الشجاع، وتتمتع بحياء وكرم عثمان، وأخرى مع أبطال الصحابة مثل خالد بن الوليد، هازم الفرس والروم، وعمرو بن العاص، فاتح مصر، ومع أمين الأمة أبوعبيدة بن الجراح، ومؤذن الرسول بلال، وسلمان الفارسى.

وكيف صار من آل البيت، وكيف ربح بيع صهيب، وتسمع بطولات حمزة، أسد الله وأسد رسوله، وتجلس مع سعد بن أبى وقاص، خال الرسول، وسعد بن معاذ، الذى اهتز لموته عرش الرحمن، وأبى هريرة، راوية الإسلام، وابن عباس، فقيه الأمة وعالم التأويل، وابن عمر، الصوام القوام، وزيد بن حارثة، حب رسول الله المخلص له، ومعاذ بن جبل، فقيه الإسلام العظيم، ومصعب بن عمير، الشهيد الزاهد والشاب الجميل الذى كان سبباً فى إسلام أهل المدينة.

وترى شهداء بدر وأحد والأحزاب، وترى أجيال الصالحين وأولياء الله المقريين فى كل العصور، وتسمع قصص أبطال الإسلام العظام؛ المثنى بن حارثة وطارق بن زياد وموسى بن نصير وصلاح الدين الأيوبى وقطز وبيبرس وقلاوون ومحمد الفاتح.ترى هناك كل أئمة العلم الذين ضربوا بسهم وافر فى خدمة الإسلام وعلومه ودعوته؛ فتقابل أئمة العلم مثل عبدالله بن مسعود، أبى حنيفة النعمان، مالك بن أنس، الشافعى، أحمد بن حنبل، وغيرهم وغيرهم من أئمة العلم والهدى حتى نصل إلى الإمام المراغى والشيخ الشعراوى والإمام عبدالحليم محمود وغيرهم.وتلقى أهل الكرم والجود والإحسان إلى الخلق وعلى رأسهم آل بيت النبى الكريم، صلى الله عليه وسلم، ومنهم زين العابدين بن على بن الحسين، أحد أئمة الجود والعطاء.

وتلقى الحسن بن على، رائد الإصلاح والصلح بين الناس وحقن الدماء صاحب وسام «إن ابنى هذا سيد»، وتلقى الحسين «سيد شباب أهل الجنة».

 تراهم جميعاً وتجلس معهم وتستمتع بقربهم وتقتبس من نورهم، ولا تمل من مجالستهم؛ فلا ضغينة ولا كراهية ولا غيبة ولا نميمة ولا أحقاد. 

الجنة هى منازلنا الأولى التى كان فيها أبونا آدم قبل أن يهبط إلى الأرض، فعود حميد إليها، لنسعد فيها بهذه الصحبة المباركة وننفض عن قلوبنا ونفوسنا غبار الهموم والأحزان والكربات، وا شوقاً إلى الجنة، وا شوقاً لصحبة الأنبياء والصالحين والأولياء والشهداء.