هيكل

رفعت رشاد

رفعت رشاد

كاتب صحفي

مائة وعام واحد مضت على ميلاد الجورنالجي محمد حسنين هيكل . وعندما كتبت عنوان المقال «هيكل» كنت واثقا أنه اسم يعرف نفسه ولا يحتاج من يقرأه لأن يخمن من هو هيكل. نشأ جيلنا من الجورنالجية على الشغف بالرجل الذي ترقى بالصحافة المصرية إلى مرتبة عالمية، الرجل الذي كان صديقا للملوك والرؤساء – كلمة السادات بعدما قبض على هيكل عام 1981 - . جيل تربى على أسطورة صحفية اسمها محمد حسنين هيكل، فهو صاحب المقال الأشهر «بصراحة» الذي كان ينتظره العالم وليس المصريون فحسب، في «الأهرام» يوم الجمعة، ليكون حديث الجميع.

أتذكر في صغري كنت مع جدي في زيارة لبندر سوهاج، ولم تكن الصحف تصل إلى قريتنا وركب معنا في السيارة عمدة إحدى القرى وكان العمدة يحمل في يده الأهرام وعندما تحركت السيارة بدأ الرجل قراءة بصراحة ولم ينتظر وصوله إلى بيته وبعد أن انتهى من قراءة المقال علت وجهه نظرة ثقة باعتباره سياسي ماهر وبدأ يحلل الأوضاع السياسية التي قرأها في مقال هيكل.

وأتذكر عندما صدر كتاب «خريف الغضب» أن قسمناه ونحن مجموعة أصدقاء إلى أجزاء مقطعة لكي يقرأ كل منا جزء ثم نتبادل الأجزاء حتى لا نتأخر عما كتبه هيكل في كتابه – سواء اتفق البعض معه أو اختلفوا - . ولا ننسى كيف كان حال الصحف التي تنشر له أجزاء من كتبه أو أحاديث معه، كانت تلك الصحف تنفذ نسخها على الفور. ولا يعرف أحد ما السر في ذلك. كان الملوك والرؤساء يحرصون على لقائه لمناقشته في الأحوال الإقليمية والدولية باعتباره عالما بالأمور من خلال اتصالاته وعلاقاته وفي نفس الوقت خبرته في التحليل السياسي.

نشأ هيكل عصاميا في عائلة ميسورة ماليا لكنها ليس لها باع في العلم والتعليم وتعلم من والدته الحكي وكانت سيدة قارئة بينما كان والده تاجرا لا يعرف القراءة أو الكتابة. درس هيكل في مدرسة التجارة العليا ومن خلال معرفته بأستاذ إنجليزي التحق بجريدة «إيجيبشان جازيت» ومنها انطلق إلى آفاق لا تحدها حدود خاصة أنه تعلم الإنجليزية والفرنسية وأجادهما إجادة تامة وهو ما فتح أمامه أبواب الاطلاع. كما أن الظرف التاريخي والسياسي لعب دورا مهما ومؤثرا في حياة هيكل وصنع أسطورته بعدما اقترب كثيرا من جمال عبد الناصر. 

إن الحديث عن هيكل شيق للغاية، وقد كتب عنه الكثير من الكتب ومن رسائل الماجستير والدكتوراه وآلاف المقالات والأبحاث.