الكذب من الباب للباب.. والقادم أسوأ

كنت أول من وصف نتنياهو بهتلر القرن الـ21، وأطلقت عليه لقب «هتلرياهو»، لأنه كان وقتها -من 10أشهر- يتقمص شخصية هتلر فى حرب الإبادة، ومع تصاعد الحرب أخذ يطبق سياسة هتلر بكل أبعادها، ومنها نظرية «الدعاية من الباب للباب» التي ابتدعها وزير إعلامه «جوبلز»، ولكنه أدخل عليها تعديلات تتوافق مع شخصيته وهى «الكذب من الباب للباب».

- أول كذبة اختلقها كانت ادعاء أن المقاومة الفلسطينية ذبحت الأطفال وحرقت النساء والحيوانات أثناء هجوم 7 أكتوبر.. وثارت أمريكا وأوروبا على هذا العمل البربرى الذى قامت به المقاومة واتخذت إجراءات عسكرية فورية لحماية إسرائيل من بطش المقاومة!.. وحركت أمريكا قطعها البحرية وحاملات طائراتها لترابض فى المتوسط أمام سواحل إسرائيل، وأمد حلف الناتو قوات الاحتلال بالسلاح والعتاد.. وبعد أيام تبين كذب نتنياهو وأنه أرسل فيديوهات وصوراً مفبركة لأمريكا وأوروبا، لكن بعد فوات الأوان، بعد أن ارتكب مجزرة مستشفى المعمدانى التى قتلت فيها قوات الاحتلال 400 من الأطفال والنساء والمرضى فى المستشفى.

- ثاني كذبة عندما ادعى أن «حماس» تتحصن بين المدنيين فى المستشفيات والأماكن السكنية ومراكز الإيواء (مدارس ومخيمات) فأغار على المساكن والمستشفيات والمخيمات فقضى على 150 ألف فلسطينى ما بين شهيد وجريح ومفقود تحت الأنقاض أغلبهم نساء ورُضع وأطفال وعجائز ليس من بينهم أحد من رجال المقاومة!

- ثالث كذبة عندما اتهم «الأونروا» -منظمة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين- بالضلوع فى تمرير المساعدات إلى المقاومة الفلسطينية، فأوقفت الدول الأوروبية تمويلها لهذه المنظمة التى تساعد الشعب الفلسطيني على الحياة.. وبعدها تبين كذب ادعاء نتنياهو، فعاد تشغيل الأونروا بعد توقف شهرين كاملين كانت تساعد فيهما المنظمة الدولية أكثر من مليونى مواطن فلسطينى.

- رابع كذبة ادعاء إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية أن مصر هي التى تعرقل إدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة عبر معبر رفح، بعد إغلاقها المعبر من الناحية المصرية، فى محاولة صهيونية للإفلات من اتهام المحكمة لقوات الاحتلال بعرقلة دخول المساعدات لأهل فلسطين الذين يعانون من الجوع والعطش والمرض.. فتقدمت مصر على الفور بمذكرة وافية للمحكمة فنَّدت فيها ادعاءات إسرائيل، وكذَّبت فيها إغلاق المعبر من جهة مصر، وأكدت أن المعبر لم يُغلق مطلقاً منذ اليوم الأول لحرب الإبادة الإسرائيلية التى قامت بها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.. وكان من بين الأسانيد المصرية عدم تمكن أمين عام الأمم المتحدة من الدخول لرفح الفلسطينية بسبب رفض إسرائيل، مما اضطره إلى عقد مؤتمر صحفي عالمي على بوابة رفح المصرية ليعلن ذلك على الهواء لكل العالم، وشاهد العالم آلاف الأطنان المحملة على الناقلات أمام معبر رفح وتمنع إسرائيل دخولها.

- خامس كذبة ادعاء نتنياهو تمسكه باحتلال محور فيلادلفيا، ليمنع تهريب السلاح من مصر لحماس عبر الأنفاق، ولأنه كذاب أشر، فقد اختار أن يعلن ذلك بعد 9 أشهر من بدء الحرب، وأثناء المراحل النهائية لمرحلة التفاوض على تبادل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بالرهائن المحتجزين لدى «حماس»، طبقاً لمبادرة الوساطة المصرية -القطرية- الأمريكية، والتي من شأنها وقف الحرب وبدء التهدئة فى غزة.. ولكن الحقيقة أن مصر قد أغلقت جميع الأنفاق، ولو كان هناك نفق واحد لرصدته الأقمار الصناعية ولأذاعه نتنياهو فى المؤتمر الصحفي الفاشل الذي عقده مؤخراً، ولكن هدفه عرقلة المفاوضات لعدة أسباب:

1- التغطية على فشله فى وقف تهريب السلاح من داخل إسرائيل للمقاومة، ورصد ورش تصنيع السلاح المحلية التى تستخدمها المقاومة!

2- أنه اتفق مع ترامب فى مكالمة هاتفية -سرَّبتها «رويترز»- على عدم تحقيق أى مكاسب لإدارة بايدن والحزب الديمقراطي للتأثير على كاميلا هاريس فى الانتخابات، وحتى لا تستخدم ورقة الإفراج عن الرهائن لرفع أسهمها ضد ترامب.

3- يعلم أن مصر لن توافق مطلقاً على بقاء قوات الاحتلال فى محور فيلادلفيا لأن ذلك مخالف لاتفاقية السلام بين البلدين.

4- هو متأكد أن إدارة بايدن لن تغامر بالضغط عليه وإجباره على الانسحاب وقبول شروط التبادل، والانتخابات الأمريكية على الأبواب، لأنها تعرف مدى تأثير أصوات اليهود فى الانتخابات.

5- من مصلحته نجاح ترامب فى الانتخابات لأنه سيلبى له كل طموحاته فى إسرائيل الكبرى، والقضاء نهائياً على «حل الدولتين»، فهو الذي اعترف أثناء رئاسته السابقة (2016-2020) ببقاء إسرائيل في الجولان السورية، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس، وبالتالي سيتركه يحتل غزة ويدخل على الضفة لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى، ويكون قد تفادى تقديمه للمحاكمة لإخفاق حكومته في ضربة 7 أكتوبر.

إذن فنحن أمام شخص يدمن الكذب، ويكذب وكأنه يتنفس.

ما يحدث الآن في فلسطين المحتلة سيئ، ولكن القادم أسوأ مع وصول ترامب للبيت الأبيض.