ورطة النشاط الكروى والإعلام الرياضى
ازدهرت القنوات الرياضية المتخصصة فى السنوات الماضية واستطاعت أن تثبت نفسها وسط مئات القنوات التى نشاهدها يومياً. ونجحت فى جذب نسبة كبيرة من الجمهور لما تقدمه من أخبار وتحاليل لعشاق الرياضة، خاصة كرة القدم ولما لها من رونق للجمهور المصرى.
ولكن جاءت مذبحة استاد بورسعيد وترتبت عليها آثار جسيمة أثرت على الكرة المصرية ولاعبيها وعلى الإعلام الرياضى وصناعته، انتهت بقرار وقف الدورى الممتاز إلى أجل غير مسمى. وبالرغم من أنه قرار صائب، احتراماً لأرواح الشهداء، فإنه ستترتب عليه عواقب تضر بكثير من الأطراف.
فكما أشار كثير من المحللين الكرويين فإن توقف الدورى الممتاز ستكون له آثار سلبية على اللاعبين قد تؤدى إلى إجبارهم على الاعتزال بسبب عدم ممارسة مهنتهم بشكل تنافسى.
ولكن فى واقع الأمر، هناك آثار أكثر سوءاً. فهناك ملايين من المواطنين يحصلون على دخلهم مباشرة من وراء كرة القدم وبطولاتها، التى تم تأجيلها لأجل غير مسمى، وهذا يشمل مختلف العاملين فى مجال كرة القدم على مستوى التدريب والإدارة والعلاج الذين سوف تتوقف دخولهم بسبب توقف الدورى، ما يعنى إضافة هؤلاء إلى نسبة البطالة المرتفعة وزيادة العبء على الاقتصاد المصرى.
أما الانهيار الأكبر فسيكون فى ما تتعرض له القنوات الرياضة الحكومية والخاصة من خسائر فادحة. وهذا لأن مورد الربح الأساسى لهذه القنوات يعتمد على المعلنين، عن طريق الإعلانات أو عن طريق رعاية البرامج، خاصة أثناء الدورى، عندما تتوافر نسب عالية من المشاهدة. مع القول إن القنوات التى تتبع الحكومة مثل النيل للرياضة قد تتماسك بعض الوقت؛ لأن جزءاً من تمويلها يعتمد على ما تقدمه الحكومة من دعم لتمويل بعض برامجها ومواجهة الأزمة. وتعتمد هذه القنوات اعتماداً كبيراً على موسم الدورى وتعمل على ترويجه من أجل جذب معلنين، وبالتالى زيادة فى الربح. فتوقف الدورى يعنى خسارة كبيرة للقنوات؛ لأنه ستكون هناك سلسلة من التداعيات تبدأ بفسخ العقود مع المعلنين. وعدم وجود معلنين يعنى نقصاً فى نسبة الربح والعائد المادى، وعليه نقص فى ميزانية القناة، وعليه إنتاج برامج ضعيفة وغير مميزة. وبالتالى ضعف أكبر فى نسبة المشاهدة والمعلنين على حد سواء. والأمر سينتهى بإفلاس بعض القنوات لعدم قدرتها على الصمود دون معلنين لتغطية نسبة التكاليف.
فنحن الآن نرى أن اقتصاديات الإعلام الرياضى على وشك الانهيار، ونتساءل إلى أى مدى سوف يستطيع النشاط الكروى والإعلام الرياضى الصمود؟ فهل من الأفضل تحديد فترة زمنية لبدء الدورى مرة أخرى وبالتالى النشاطات الأخرى المتعلقة به؟ أم من الأفضل أن تتوقف القنوات الرياضية عن البث حتى يستعيد المجال نشاطه كاملاً، أم سيزيد ذلك من نسبة الخسارة والعبء على الاقتصاد؟