حزب التجمع: "يافطة كبيرة" فى الشارع.. والمكاتب فاضية "أصل الجو حر"

كتب: إمام أحمد

حزب التجمع: "يافطة كبيرة" فى الشارع.. والمكاتب فاضية "أصل الجو حر"

حزب التجمع: "يافطة كبيرة" فى الشارع.. والمكاتب فاضية "أصل الجو حر"

سيارات تجرى مسرعة، عشرات المارة يسيرون على جانبى الطريق، بائع صحف وكتب يلتف حوله بضعة مواطنين، فريقٌ منهم يكتفى بمطالعة العناوين المجانية، وآخر يسحب نسخاته المفضلة ويواصل طريقه بعد أن يدفع الثمن، محال ومنافذ تجارية تتنافس فى أعمال البيع والشراء وسط عدد لا يحصى من الفاترينات المتجاورة واللافتات التى تتداخل أسماؤها.. حياة لا تهدأ، وحركة لا تتوقف، كُلٌّ فى فَلَكٍ يَسْبَحُون مع الساعات الأولى من صباح يوم، لا يختلف كثيراً عن باقى أيام المصريين، لكن «الوطن» قررت أن تقضيه بطريقة أخرى فى أرض مختلفة، وواقع مغاير، تتوقف فيه الحياة، وتسكن بداخله الحركة، وتمر عقارب ساعته الزمنية بروتين بالغ، وتدق دقاتها بإيقاع ممل ومنفرد وسط سكون تام يسيطر على «دكاكين الأحزاب» الكاسدة بضاعتها، التى لا بيع فيها ولا شراء، المعزولة وراء أسوار شاهقة، وأبواب مغلقة، واجتماعات سريّة لا يعرف المواطن عنها شيئاً، ولا تترك فى حياته أثراً. من شرفة المقر الخالى من أى نشاط أو اجتماع أو استعدادات لفعاليات ميدانية يشعر بها المواطنون، لا سيما «الغلابة» منهم رأس مال «عبدالناصر» الذى لم يفن، كانت الحركة على قدم وساق فى شارع طلعت حرب، وعلى مرمى البصر يميناً ميدان التحرير الذى شهد ثورتين شعبيتين فى غضون 4 أعوام، وتزيد قليلاً، لم تغب عنهما صور «ناصر»، فيما يقود الطريق يساراً إلى حزب آخر، رغم تاريخه الممتد لنحو أربعة عقود، إلا أن المواطنين فى دائرته ممن يطالعونه يومياً، لا يعرفون عنه سوى لافتة «حزب التجمع» الكبيرة التى تطل على تمثال «طلعت حرب» ويتخذونها علامة مميزة على الرصيف، دون أن يفكر أحدهم فى زيارة ما وراء اللافتة، «أنا شغال فى المحل بقالى أكتر من 15 سنة، ماطلعتش المقر ده ولا مرة، بس هوا مشهور، وبسمع أنه بيعملوا فيه ساعات ندوة، وبيقولوا شعر وكلام زى كده، أو حفلات وأغانى، لكن أنا ماشفتش بعينى بصراحة»، قال صاحب محل صغير لبيع الأدوات المنزلية، كان يجلس على مقعد خشبى أمام واجهة المحل، على بعد أمتار قليلة بالجانب الآخر من الحزب. المقر المشهور الذى لم تطأ قدم الحاج «أبوسيد» أرضه مرة، ولو بالصدفة، يبدأ ببوابة حديدية تشبه «بوابات الزنازين» مع إغلاقها، يعقبها 6 درجات، ثم لافتة تحمل اسم «التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى»، وصولاً لمقر مكون من طابقين، أولهما تتوسطه ساحة تتسع لاستضافة ندوة أو صالون شعر، لكنها استضافت قبل أيام «واقعة رقص ساخنة» تداولتها صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، وثانيهما يضم عدة مكاتب خالية من أعضاء الحزب، أو العاملين فيه، حالة الخلاء التى أرجعها أحد أعضاء الحزب الذى كان موجوداً بمفرده، يشرب كوب شاى بجوار «كانتين الحزب»، قائلاً وهو ينفث دخان سيجارته: «الجو حر، والحزب مافيهوش تكييفات، والمراوح مش شغالة، لازم المكاتب تبقى فاضية، أنا مثلاً يا دوب هشرب السيجارة والشاى، وأقوم أمشى». مكاتب الحزب اليسارى، معظمها كان خالياً من الأشخاص، مسكونة بالأوراق والدفاتر والصور، صورة للرئيس عبدالفتاح السيسى، تحت شعار «تحيا مصر»، يجاورها صور قديمة للمستشار هشام البسطويسى، مرشح الحزب فى انتخابات الرئاسة 2012، وبالقاعة الرئيسية صورة كبيرة لمؤسس الحزب «خالد محيى الدين»، أحد الضباط الأحرار الذى اعتزل العمل السياسى. بسؤال أحد الموظفين الجالسين على مكتب الاستقبال، عن أحد من القيادات للحديث معه حول رؤية «التجمع» ومواقفه وخططه للمستقبل، كأى مواطن يريد التعرف على الحزب، كانت الإجابة: «رئيس الحزب فى اجتماع بمكتبه، والأمين العام فى اجتماع ثان بمكتبه»، اجتماعان موازيان، وساعات طويلة ضائعة، وصولاً لنتائج وتوصيات لا تغادر أدراج المكتب الذى دُوّنت فيه.