عظماء مصر.. «برسوم» عالم الكلى الراحل
كان يؤمن بأنه «من حق الطبيب امتلاك الأموال لأنه يعالج آلام المرضى ولكن ليس من حقه تقاضى أموال كثيرة لأنها تأتى من آلام المرضى».
سمعت عنه كثيراً من العالم الجليل الدكتور محمد غنيم، رائد زراعة الكلى فى مصر والشرق الأوسط، إلى أن تشرفت بلقائه ووجدت فيه صورة الطبيب التى نشاهدها فى أفلام الزمن الجميل، حيث جمال الجوهر والمظهر مع بشاشة الوجه وطيب الخُلق والتواضع الرفيع.
هو من مواليد عام 1941، وبعد حصوله على الثانوية العامة من محافظة أسيوط، اضطر إلى الابتعاد عن أسرته، حيث كلية الطب الوحيدة حينذاك فى القاهرة، وهنا احتضنه أستاذه ومعلمه د. على البدرى الذى عوَّضه فراق الأسرة وتبناه حتى استكمال دراساته العليا وتعيينه معيداً بالقصر العينى.
وبعد حصوله على الدكتوراه عام 1969 سافر فى بعثة دراسية بجامعة باريس، ثم انتقل إلى معهد الكلى بلندن، حيث حصل على عضوية الكلية الملكية البريطانية فى تخصص الكلى عام 1972، وبعد عودته تدرَّج فى المناصب الجامعية حتى تولى رئاسة وحدة أمراض الكلى.
ثم أسس وترأس مركز قصر العينى لأمراض الكلى ومركز الملك فهد لأمراض الكلى والمسالك البولية، ثم أصبح رئيساً لأقسام الباطنة بالكلية.
أسس الاتحاد الأفريقى لأمراض الكلى، كما ترأس الجمعية المصرية والعربية، وأصبح نائب رئيس الجمعية الدولية للأعضاء الصناعية، ثم أصبح سكرتيراً عاماً للجمعية الدولية لأمراض الكلى.
حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2009 وجائزة النيل عام 2015، وهى أعلى وسام علمى مصرى، ثم وسام العلوم والفنون، والجائزة الدولية للجمعية الأمريكية لأمراض الكلى، وكذا جائزة روسكو روبنسون العالمية للتميز فى التعليم وغيرها.
وعلى صعيد التعليم الطبى شارك فى العديد من اللجان القومية بوزارتى التعليم العالى والصحة، وأثمرت مجهوداته تحديثاً شاملاً فى التعليم والتدريب الطبى، وعمل أستاذاً زائراً بالعديد من جامعات أوروبا وأمريكا.
تعلم القيم والأخلاق والرحمة بالمريض على أيدى عظماء الطب، وكان يرى أن الأجيال الحالية من شباب الأطباء مظلومة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة مع انخفاض الأجور، لكنه كان متفائلاً للثوب الأبيض مهما حدثت تجاوزات أخلاقية من بعض الأطباء.
كما كان يرى أنه يجب على الدولة تحديد أسعار العلاج فى المستشفيات الخاصة ومراقبتها لضمان عدم مغالاتها فى تقديم الخدمة ويتمنى نجاح منظومة التأمين الصحى الجديدة حتى يكون المظلة التى تحمى الفقراء وتعالجهم بكرامة.
إنه العالم الجليل الأستاذ الدكتور رشاد برسوم، أحد عمالقة الطب المصرى والطبيب الإنسان، والذى كان منظومة من القيم والأخلاق تسير على الأرض.
«د. برسوم» رحل عن دنيانا يوم 25 أكتوبر 2022 عن عمر يناهز 81 عاماً بعد رحلة حافلة بالعلم والعمل والعطاء، طيَّب الله ثراه وجزاه خيراً نظير ما قدّم للطب وللإنسانية من خدمات جليلة.