محمد جعفر يكتب: حتى لا يقع الحوار الوطني في دائرة «الصمت»

محمد جعفر يكتب: حتى لا يقع الحوار الوطني في دائرة «الصمت»
لا شك أن الدعوة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي في 26 أبريل 2022 لانطلاق حوار وطني يجمع كل القوى السياسية «دون إقصاء»، إلى جانب كافة ممثلي الهيئات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني لمشاركة الدولة المصرية بالأطروحات والرؤى التي تساهم في مواجهة التحديات المختلفة، التي تواجه الدولة على كافة المستويات، هو بحق منعطف مهم وتطور محوري في الحياة السياسية حتى الآن.
وما يزيد من مصداقية تلك الدعوة هو حرص الرئيس على متابعتها وتوجيهاته المستمرة للحكومة بضرورة تنفيذ ما ينتج عنها من مخرجات قابلة للتنفيذ الأمر الذي مثل تكليفا رئاسيا للحكومة، لا يمكن تحت أي حال من الأحوال أن تحيد عنه لتصبح مصداقية دعوة الرئيس للحوار الوطني «شمس ساطعة» تبهت كل من حاول التشكيك في جدواها أو التقليل من مضمونها.
وبالفعل انطلقت الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني يوم الأربعاء 3 مايو 2023 بحضور رئيس الوزراء وبمشاركة واسعة وفعالة من مختلف القوى السياسية والنقابية والمجتمع الأهلي والشخصيات العامة والخبراء، فقد شاركت قوى سياسية ظن البعض أنها لن ترى المشهد السياسي مرة أخرى، وعلت في أروقة الحوار أصواتا ظن أصحابها أنها دخلت «كهوف الصمت» بغير رجعة لترسم جلسات الحوار الوطني لوحة نموذجية لمشهد ديمقراطي تسعى ثورا الشعوب للوصول إليه.
وناقش مجلس الأمناء وجلسات الحوار كل ما يمكن تخيله تقريبًا من قضايا ومشاكل وأزمات تمر بها الدولة المصرية، إلى جانب أطروحات ونداءات وطموحات يموج بها الشارع المصري وذلك عبر ثلاثة محاور هي السياسي والاقتصادي والاجتماعي من خلال 19 لجنة و113 قضية وكل قضية تفرعت إلى جلسات مختلفة وشارك في النقاشات كل القوى السياسية بلا استثناء .
وتمكّن الحوار الوطني من إنجاز المرحلة الأولى ورفع توصياتها بالفعل إلى رئيس الجمهورية وكانت عبارة عن 135 توصية في المحاور الثلاثة السياسي والاقتصادي والاجتماعي على النحو التالي: في المحور السياسي المكون من «4 لجان رئيسية» كانت هناك 37 توصية تم تنفيذ 6 منها بالفعل وفى المحور الاجتماعي «5 لجان رئيسية» كانت هناك 64 توصية تم تنفيذ 21 منها، وفي المحور الاقتصادي كانت هناك 34 توصية تم تنفيذ 20 إجراء منها، وذلك وفقا للمعلومات الصادرة عن مركز دعم القرار بمجلس الوزراء جاءت نتائج المرحلة الأولى للحوار.
ومن جهته قرر رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي مشكورًا تشكيل لجنة تنسيقية مشتركة بين مجلس الوزراء وبين مجلس أمناء الحوار الوطني تتولى متابعة تنفيذ هذه التوصيات.
لقد مضى عاما كاملا على انطلاق جلسات الحوار الوطني وهناك من الناس من يتساءل ماذا حقق هذا الحوار؟ والإجابة على هذا السؤال تكون بأن الحوار الوطني حقق حراكا سياسيا كبيرا ودون أدنى مبالغة فقد أعاد الروح للحياة السياسية والحزبية أيضا.
وإذا كان البعض يرى أن القضايا المهمة التي ينتظرها الشارع المصري كموضوع الحبس الاحتياطي وقوانين الانتخابات وتداول المعلومات وغيرها من الإجراءات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية مازالت في دائرة النقاشات رغم أهميتها، وأن ما تحقق في المرحلة الأولى لم يشعر به المواطن البسيط، فهذا الطرح ربما يكون مقبولا، لكن علينا أيضا ألا نتعجل الأمور وأن يكون التفاؤل والثقة والأمل في أن المستقبل سيكون أفضل كثيرا من الحاضر، وأن ندرك حجم تلك الخطوة وتأثيرها الإيجابي في كل ما هو قادم، وفي الوقت نفسه نناشد اللجان المنوطة بالتنفيذ تسريع أعمالها ليشعر المواطن بجني ثمار هذه التجربة الديمقراطية الرائدة.