محمد مغربي يكتب: مستقبل الحروب السيبرانية (1)

محمد مغربي يكتب: مستقبل الحروب السيبرانية (1)
- الحروب السيبرانية
- الهجمات السيبرانية
- الحروب التقليدية
- الحروب السيبرانية
- الهجمات السيبرانية
- الحروب التقليدية
لكل زمن حربه، ولكل عصر أدواته، ومنذ فجر التاريخ كان كافيًأ أن يدخل الفارس بسيفه إلى ساحة القتال، وكانت معايير النصر تتعلق كلها بالمهارة والشجاعة، لكن هذا زمن ولىّ، ومرت البشرية بالكثير من التطورات، بداية من طلقة الرصاص، مرورًا بالصواريخ العابرة للقارات وحتى القنابل النووية.
ولأن القرن الـ21 هو قرن التكنولوجيا، كان طبيعيًا أن تأتي حروبه مثله، من خلال ضغطة زر، وضربة "كليك"، واختراق مواقع وتهكير بيانات، وما حدث منذ أيام حين تعرض العالم لـ"شلل إلكتروني" نتيجة update أجرته شركة crowdstrike، أعاد التساؤل مرة أخرى حول الحروب السيبرانية، ومدى تحصينات الدول منها خاصة أن اختراق واحد كاف بتكبيد دول كبرى مليارات الدولارات.
والمقصود بالحرب السيبرانية، هي تلك المعارك التي تستخدم فيها الدول والمنظمات والجهات الفاعلة غير الحكومية تقنيات المعلومات والاتصالات لمهاجمة البنية التحتية الحيوية، وسرقة البيانات، والتلاعب بالمعلومات، وعمل disruption العمليات.
ومع تزايد الاضطرابات العالمية، زاد الحديث عن السيناريوهات المستقبلية للحروب السيبرانية، والتي يُمكن تلخيص تلك السيناريوهات كالتالي:
1- الذكاء الاصطناعي
يشمل أول سيناريو، زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي المتوقع أن يلعب دور كبير في الحروب السيبرانية، حيث يمكن استخدامه في تطوير برامج ضارة أكثر تعقيدًا، وتحليل البيانات بشكل أسرع، واتخاذ القرارات بشكل أكثر دقة.
2- استهداف الأنظمة الحيويةثاني السيناريوهات هو ترجيح زيادة الهجمات على الأنظمة الحيوية، مثل شبكات الكهرباء والنقل والاتصالات، مما قد يؤدي إلى انقطاعات واسعة النطاق وتعطيل الاقتصاد.
3- التلاعب بالمعلوماتكما تشمل القائمة، توقعات بزيادة الهجمات التي تهدف إلى التلاعب بالمعلومات ونشر الدعاية، مما قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
تلك السيناريوهات الكارثية، يساهم فيها عوامل أخرى تجعل الحروب السيبرانية أفضل بديل للحروب التقليدية، وهذه العوامل هي:
تكلفة أقل: تُعدّ الحروب السيبرانية أرخص بكثير من الحروب التقليدية، مما يجعلها خيارًا جذابًا للدول ذات الموارد المحدودة.
خطر أقل على الأرواح: لا تُسبب الحروب السيبرانية عادةً نفس عدد الضحايا مثل الحروب التقليدية.
سهولة التخطيط والتنفيذ: يمكن التخطيط للحروب السيبرانية وتنفيذها بسهولة أكبر من الحروب التقليدية، مما يجعلها خيارًا جذابًا للجهات الفاعلة غير الحكومية.
تلك المعطيات السابقة، كانت أمام الصين منذ العقد الأول في الألفية الثانية، إذ أدركت بكين أهمية التكنولوجيا المتقدمة في الاتصالات ودورها في النمو الاقتصادي والسيادة التكنولوجية، وبالتالي وضعت خطط استراتيجية لدعم تطوير قطاع الاتصالات، وجزء من هذه الجهود تركز على دعم الشركات المحلية مثل هواوي و زد تي إي وتشجيعها على الابتكار والتوسع.
كما اتجهت السياسات الحكومية الصينية إلى تحفيز الابتكار وتسهيل الحصول على التمويل والتراخيص اللازمة لتطوير تكنولوجيا الاتصالات، إضافة إلى مبادرات تشجيعية مثل مبادرة "صنع في الصين 2025" والتي ركزت على جعل الصين رائدة في التكنولوجيا العالية، بما في ذلك 5G.
أما ثالث المحاور التي لعب عليها التنين العملاق، فكان الاستثمار في البحث والتطوير بالتعاون مع الجامعات والمعاهد البحثية، والتنسيق بينها وبين الشركات.
وانطلاقًا من تلك القاعدة، استثمرت هواوي بشكل كبير في البحث والتطوير، وخصصت نسبة كبيرة من إيراداتها السنوية لهذا المجال، ما أدى إلى تطوير تكنولوجيا متقدمة ومعدات عالية لشبكات 5G.
أما "زد تي إي" فاتبعت نفس النهج، مخصصة جزء كبير من مواردها للبحث والتطوير مما مكنها من الابتكار وتقديم منتجات تنافسية، وهو ما نتج عنه نجاح كبير تمثل في بعض النقاط مثل:
1- حجم الإنتاج الكبير: الشركات الصينية مثل هواوي و زد تي إي تنتج معداتها بكميات كبيرة، مما يقلل من تكلفة الوحدة.
2- تمتع الصين بسلسلة توريد محلية قوية وواسعة تمكنها من تقليل التكاليف اللوجستية.
3- ساهم الدعم الحكومي في تقليل تكاليف الأبحاث والتطوير، ما أتاح للشركات تقديم أسعار تنافسية.
4- الاعتماد على العمالة المحلية ساهم في تقليل تكلفة التشغيل مقارنة باستقدام عمالة من الخارج. 5- تركيز الصين على تعزيز الصادرات وتشجيع الشركات على التوسع في الأسواق الخارجية بأسعار تنافسية.
وهكذا من خلال استراتيجية متكاملة بداية من سلسلة توريد قوية وكفاءة في الانتاج ودعم للشركات، تمكّنت الصين من أن تتفوق في خدمات 5G بأسعار تنافسية، مما جعلها لاعبًا رئيسيًا في هذا المجال على مستوى العالم، أما ما تأثير ذلك اقتصاديًا وسياسيًا، وما موقف دول أخرى لم يعجبها التفوق الصيني، هذا في الجزء الثاني من المقال.