خبير "الحروب السيبرانية": تكلفتها أقل من "آر بي جي".. والإرهابيون يملكون أسرابا منها

كتب: بهاء الدين عياد

خبير "الحروب السيبرانية": تكلفتها أقل من "آر بي جي".. والإرهابيون يملكون أسرابا منها

خبير "الحروب السيبرانية": تكلفتها أقل من "آر بي جي".. والإرهابيون يملكون أسرابا منها

قال إيهاب خليفة، الخبير فى الأمن والحروب السيبرانية، رئيس وحدة التطورات التكنولوجية بمركز «المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة» فى الإمارات، إن «الدرونز» أصبحت إحدى أدوات الاقتتال الرئيسية فى مناطق النزاع بالشرق الأوسط، مشيراً إلى أن تركيا تمد بها الميليشيات الإرهابية فى ليبيا وغيرها.

إيهاب خليفة: إيران تدعم بها الحوثيين فى اليمن لتوجيه ضربات عسكرية ضد السعودية

وأضاف، فى حوار لـ«الوطن»، أن حجم الاستثمارات فى «الدرونز» سيصل إلى أكثر من 100 مليار دولار بحلول العام المقبل، موضحاً أن سهولة فك وتركيب تلك الطائرات وسهولة استخدامها ورخص أسعارها، تصعّب محاولات السيطرة عليها وحظرها.. إلى نص الحوار:

ما قدرات «الدرونز» فى التجسس والاستطلاع والقتال؟

- هناك 3 أنواع من «الدرونز» العسكرية، هى الجوية والبحرية وفائقة الصغر «النانو درونز». و«الجوية» تتميز بقدرتها على المراقبة والتجسس وتحديد الأهداف وتدميرها، سواء كانت ثابتة أو متحركة. و«البحرية» يمكن أن تعمل بمثابة ألغام، قادرة على مهاجمة السفن والغواصات دون أن يتم اكتشافها. أما «النانو» فيمكن تشكيل سرب منها كشبكة متجانسة تعمل مع بعضها البعض، وتستطيع أن تهاجم مدينة بكاملها وقتل كل من فيها، دون أن يتم اكتشافها من أجهزة الرادار أو تعقب مصدرها. والأمر لا يقتصر على استهداف القوات العسكرية فحسب، بل يمكنها استهداف محطات الطاقة الرئيسية البعيدة، أو خطوط الطيران المدنية، أو تفجير إحدى طائرات الركاب المدنية، من خلال تعقبها وتحديد خط سيرها. كما تم استخدامها فى محاولة اغتيال الرئيس الفنزويلى «نيكولاس مادورو»، فى أغسطس 2018، إلا أنها فشلت، وتُعتبر هذه المحاولة هى الأولى من نوعها.

حدثنا عن أبرز الدول المصدّرة لها وحجم البيزنس المرتبط بها.

- كان أول استخدام لـ«الدرونز العسكرية» فى عام 2001 أثناء الحرب الأمريكية على أفغانستان، ومنذ ذلك التاريخ كانت الولايات المتحدة، ثم إسرائيل، ثم بريطانيا من أكثر الدول تطوراً فى تصنيع هذه الطائرة. ومنذ عام 2013 بدأت الصين تتبع استراتيجية نسخ التقنيات الأمريكية فى مجال تطوير «الدرونز»، وبدأت تدريجياً تستحوذ على السوق للدرجة التى أصبحت فيها من أكبر المصدّرين فى العالم، خاصة لدول الشرق الأوسط. وتوقع تقرير صادر عن شركة الاستشارات The Goldman Sachs Group أن يصل حجم الاستثمارات فى الدرونز بحلول عام 2020 إلى أكثر من 100 مليار دولار أمريكى، تستحوذ «العسكرية» منها على 70%، تليها «الدرونز الشخصية» أو «الترفيهية» بنسبة 17%، ثم «التجارية»، التى تُستخدم فى التصوير الاحترافى أو توصيل الطلبات، بنسبة 13%.

تهدد أمن الملاحة الجوية.. وبريطانيا وألمانيا والإمارات قننت استخدامها

كيف حولت التنظيمات الإرهابية «الدرونز التجارية» لسلاح فتاك خلال السنوات الأخيرة؟

- تُعتبر الطائرات بدون طيار أو الدرونز «المدنية»، المخصصة للأغراض التجارية والترفيهية، سلاحاً ذا حدين، فكما يمكن أن تُستخدم فى توصيل الطلبات ومراقبة المحاصيل الزراعية أو التصوير الفوتوغرافى، يمكن أيضاً استخدامها فى تنفيذ هجمات إرهابية، حيث تستطيع الطائرة بدون طيار أن تحمل سلاحاً موجهاً أو قنبلة أو عبوة ناسفة، وتفجيرها على الهدف المرصود، أو استخدامها فى عمليات المراقبة والاستطلاع، فالوسيلة واحدة والاستخدام واحد، ويتبقى فقط الهدف من الاستخدام، سواء حمل طرد أو قنبلة. وتمتلك الطائرات التجارية الكثير من المميزات التى جعلتها جاذبة للحركات الإرهابية، فهى صغيرة، وتكلفتها ليست كبيرة، وقد بدأت الشركات المنتجة حالة منافسة لتطويرها مع تقديمها بأسعار أقل، وإتاحتها للاستخدام من قبَل الأفراد العاديين الذين لا يملكون أى مهارة خاصة لاستخدامها، وبالتالى جذبت الحركات الإرهابية، خاصة لصعوبة رصدها من قبَل الرادارات بسبب بنيتها الصغيرة واستهلاكها المنخفض للطاقة وقدرتها على قطع مئات الكيلومترات، فضلاً عن إمكانياتها الفنية المتقدمة وسعرها المنخفض، إذ تباع المروحيات الرباعية من طراز (Parrot AR 2.0) بـ299 دولاراً أمريكياً فقط، ويمكن التحكم بها عن طريق جهاز يعمل بنظام الأندرويد، ما يفرض تحدياً على الدول، إذ صار بإمكان أى جماعـة إرهابيـة شـراء طائـرات درونز بتكلفة تقل عن تكلفة «الآر بى جى»، وقادرة على اختراق أغلب أنظمة الدفاعات البرية والهروب من أنظمة الرادارات.

وماذا عن تجربة الإمارات فى تسجيل هذه الطائرات؟

- أصدرت دولة الإمارات قانوناً لتنظيم الاستخدام التجارى والشخصى لـ«الدرونز»، بحيث يحظر دخولها فى مناطق محددة، خاصة مناطق الملاحة الجوية والشوارع المكتظة بالسكان. كما تفرض الهيئة العامة للطيران المدنى قوانين وأنظمة لعمل الطائرات بدون طيار، وممارستها سواء لأغراض تجارية أو ترفيهية. والهدف من هذه الأنظمة تأمين السلامة الجوية والبرية، بالإضافة إلى حماية خصوصية الأفراد وأمن بياناتهم. وتتضمن تدابير الأمن والسلامة التى يفرضها قانون الهيئة، ضرورة التسجيل والحصول على ترخيص. ويساعد التطبيق الإلكترونى UAE Drone Fly Zone Map، الذى أطلقته الهيئة العامة للطيران المدنى، على تحديد المناطق التى يُسمح أو يُحظر فيها استخدام أو تشغيل الطائرات بدون طيار أو الطائرات الموجهة. ويمكن للتطبيق بمجرد تشغيله، التأكيد فيما إذا كانت المنطقة التى يوجد فيها المستخدم تخضع للحظر أم لا.

كيف أصبحت الطائرات المسيَّرة مصدر تهديد للمطارات، وما خطط ألمانيا وبريطانيا وغيرهما، لتأمين مطاراتها؟

- تشكل «الدرونز» المدنية تهديدات أمنية خاصة بتأمين المجال الجوى للطائرات التقليدية، منعاً للتشويش عليها أو تصادمها، ما دفع بعض الدول مثل إنجلترا والإمارات العربية المتحدة وغيرها إلى محاولة تنظيم استخدامها، حتى لا تصبح عائقاً أمام حركة الطيران التقليدية، فضلاً عما تثيره من إشكاليات تتعلق بالحفاظ على الخصوصية من التصوير والمراقبة التى يمكن أن تقوم بها. وتعرضت كثير من المطارات حول العالم لمشكلات نجم عنها توقف حركة الملاحة الجوية، بسبب اقتراب «درونز» من مهبط الطيران، لذا فرضت السلطات البريطانية قانوناً يحظر تحليقها على بعد 5 كيلومترات من جميع مطاراتها. وابتكرت مؤسسة أمريكية متخصصة فى العلوم والتكنولوجيا سلاحاً جديداً مضاداً للطائرات من دون طيار، ينجح فى إسقاطها من السماء على الأرض دون أن يُلحق أية أضرار أو إصابات بها ومن دون استخدام رصاص، هذا السلاح يُدعى «Drone Defender».

أمريكا أول دولة استخدمتها فى أفغانستان.. والصين من أكبر الدول المصدّرة لها

«الدرونز» أصبحت تُشعل الأزمات فى اليمن وليبيا والخليج ولبنان، كيف ترى ذلك؟

- أصبحت «الدرونز» إحدى أدوات الاقتتال الرئيسية فى منطقة الشرق الأوسط، فلا توجد منطقة قتال إلا وتجد «الدرونز» حاضرة فيها، سواء كانت ذات قدرات متقدمة وتقنيات حديثة أو حتى بدائية، فمثلاً فى يناير 2018 تعرضت القواعد البحرية الروسية فى سوريا لهجوم من سرب مكون من 13 طائرة بدون طيار محملة بصواريخ، واستطاعت وسائط الدفاع الجوى صدها. كما أن قوات الحوثيين فى اليمن تستخدم هذه الطائرات فى توجيه ضربات عسكرية للسعودية. ويظهر فى ليبيا استخدام «الدرونز» تركية الصنع بوضوح، حيث تقوم تركيا بإمداد الميليشيات والجماعات الإرهابية بتلك الطائرات، وقد أعلن الجيش الليبى أنه أسقط أربع طائرات «درونز» عسكرية تركية فى ليبيا خلال شهر واحد، حيث تمتلك تركيا قدرات متقدمة وتصنع تلك الطائرة محلياً. المشكلة الحقيقة أنه يصعب منع وصول هذه التقنيات للجماعات الإرهابية، بسبب سهولة استخدام الدرونز، وسهولة فكها وتجميعها. وفيما يتعلق بتنظيم «داعش» تشير التقارير إلى أنه امتلك فى وقت سابق طائرات بدون طيار واستخدمها فى عمليات استطلاعية وتصويرية، وهذا ما ظهر فى شريط فيديو بثه التنظيم عن استخدام تلك الطائرات فى عملية استطلاعية أثناء معركة «مصفاة بيجى». وفى نهاية سبتمبر 2016، هاجم التنظيم قوات تركية فى شمال سوريا بطائرة بدون طيار محشوة بالمتفجرات.


مواضيع متعلقة