د. سليم عبدالرحمن يكتب: شبح التنسيق

كتب: الوطن

د. سليم عبدالرحمن يكتب: شبح التنسيق

د. سليم عبدالرحمن يكتب: شبح التنسيق

منذ زمن بعيد اعتدنا فى مثل هذه الآونة من كل عام أن تعيش البيوت التى بها طالب أو أكثر تحت ضغط هائل مادياً ونفسياً ليس إلا لكونه قُدِّر له أن يكون طالباً بالثانوية العامة، فاتخذ جميع مَن بالبيت الإجراءات والاحترازات اللازمة وأعدوا العدة وتأهبوا للعام المرتقب، وما لبث أن اجتاز الامتحانات بعد معاناة مريرة وتكبَّد أموالاً طائلة فى الدروس.

أخيراً نجح الابن وفرح البيت، ولكن سرعان ما اجتمعوا ثانيةً من أجل أن يُدلى كل فرد قريب أو بعيد برأيه فى التنسيق والكلية التى يجب أن يلتحق بها الطالب المجتهد الذى حصل على مجموع غالباً ما يكون من وجهة نظره غير عادل لما لاقاه من مشقة.

وبعد حصر كل الآراء وفلترتها يختلى ولى الأمر بالطالب أو يترك الطالب فى عهدة أحد الأقارب أو الأصدقاء ذوى الثقة بعد أن يعطيه الوصايا العشر الخاصة برغباته هو لا رغبات نجله، وبعد ذلك تأتى مرحلة التنسيق، المرحلة الأكثر دراماتيكية فى القصة الشاقة والمتوترة فتجد أكثر المتحذلقين لم يلبثوا أن يقعوا فى أخطاء اختيار الكليات فى مرحلة التنسيق، فإما أن يخطئوا فى التسلسل الجغرافى أو التدرج الأكاديمى للكليات أو الخلط بين التخصصات والمجالات التى تؤهل لها الكليات المختلفة.

وبعد هذا العرض للمشهد المتأزم وجدنا أنه لكى نضفى على المشهد لمحة من التفاؤل والإشراق وجب توجيه بعض الرسائل المغلفة بمزيد من الرجاء إلى كل من: الطالب، الضلع الأهم والأضعف فى المعادلة، تمهَّل وتحمَّل واصبر، فإن مصيرك ومستقبلك للأسف محصور بيدك المرتجفة ومجتمعنا المتشبث بالياقات البيضاء ونظامنا التعليمى الذى ما زال يحبو فى طريق التطوير.

ولى الأمر: دع ما فاتك فى زمن الصبا واترك لولدك الحرية فى تقرير مصيره، فالأجيال الناشئة تمتلك ما لم نحلم بامتلاكه من فهم ومعرفة وتطلعات ضمَّت معها رغباتٍ وآمالاً لم تكن متاحة لنا من قبل، كما جلب لها القدر العديد من الفرص الذائبة فى إعصار من التحديات والمنافسة.

وزارة التربية والتعليم: نبيت ونصحو على كلمات معسولة من البدء فى التطوير والأخذ فى التغيير للأفضل، لكن وللأسف مجرد كلمات، أفيقوا يرحمكم الله، فأعمار أبنائنا أمانة فى أعناقكم ومستقبل وطننا محمول على عواتقكم، لم تنهض أمة إلا بالتعليم، فحى على الجهاد فى العلم، فلترتقوا بالمناهج ولتعدلوا من وضع المعلم ولتحدثوا المدارس ولتطوروا من أنظمة الامتحانات والتصحيح.

مسئول التنسيق: رفقاً بالطالب وولىّ الأمر وصديقه المتحذلق، برجاء جعل عملية التنسيق أسهل وأكثر بساطة مما هى عليه الآن وجعل التخصصات والفروق بين الكليات أكثر وضوحاً.

وزارة التعليم العالى: لماذا لا يتم عمل حملات إعلانية ممولة من الوزارة لتخفيف ضغط مرحلة التنسيق وتوضيح آليات وخطوات التنسيق وعرض مفصل لكل ما يحتاج الطالب وولىّ الأمر لفهمه عن كافة التخصصات المطلوبة بسوق العمل والكليات المؤهلة لها.

حفظ الله الوطن.. حفظ الله مصر.


مواضيع متعلقة