«تصدير مشكلات» أم «استعباط» يا نتنياهو
اقتل، أحرق، دمر، خرب، ولّع، اهدم، شرد، فجر.. اعمل ما بدا لك يا «نتنياهو»، فأيامك الأخيرة اقتربت، ونهايتك اقتربت، وحكومتك ستُحَل، وسيتفرَّق شمل وزرائك، وستُقدَّم للمحاكمة ولو بعد حين.
توقفت أمام تصريحات «إيهود أولمرت»، رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق، الذى حذَّر «نتنياهو» وقال نصاً: أوامر اعتقالك فى الطريق يا «نتنياهو».
من وجهة نظرى أرى أن هذا أخطر تصريح فى تاريخ إسرائيل، ويُعتبر بمثابة تهديد علنى من رئيس وزراء إسرائيلى سابق إلى رئيس وزراء إسرائيل الحالى بعد أن انتفض الرأى العام الإسرائيلى كله ضد «نتنياهو» وسلوكه وتصرفاته وقراراته.
الكل يريد إنجاز صفقة تبادل الأسرى وإتمام الهدنة لأنه من المفترض أن الحكومة هى حكومة الشعب وتفعل ما يريده الشعب لا ما يريده رئيس الوزراء.
الكل، بداية من (رؤساء وزراء سابقين ووزراء سابقين وسياسيين - كانوا مؤيدين لنتنياهو وأصبحوا معارضين له - والمعارضة فى الكنيست والمواطنين وأهالى الأسرى والإعلاميين والصحفيين والصحف والإذاعات والمُحللين السياسيين وجهاز الموساد والشاباك والجيش ووفد التفاوض وعدد كبير من الوزراء الحاليين) يؤيدون الهدنة وإخراج الأسرى، إلا (نتنياهو) ومعه الوزيران المتطرفان (بتسلئيل سموتيرتش - وزير المالية) و(إيتمار بن غفير - وزير الأمن).إذن من المفترض أن يستجيب بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، لكل هذه النداءات، لكنه لم يستجب، لم يحترم كل هذه الآراء، لم يراع مشاعر أهالى الأسرى، لم يهتم بنبض الشارع الإسرائيلى.
وقام بمحاولة خبيثة وهى تصدير مشكلاته للخارج، وإيهام الرأى العام الإسرائيلى بأنه سيظل يحارب حتى آخر جندى فى الجيش إسرائيلى، مرة يُلقى بالاتهامات على حركة حماس بأنها ترفض بنود صفقة الهدنة (وهذا كذب)، ومرة يتهم «مصر» باتهامات غير صحيحة ويقول كلاماً كاذباً وغير حقيقى ويبث الشائعات ضد الموقف المصرى.
ومرة يختلق معركة مع الإدارة الأمريكية رغم المساعدات المالية الطائلة والمساعدات العسكرية التى نشاهدها يومياً، ومرة يدخل فى صدام مع المحكمة الجنائية الدولية وصدام آخر مع محكمة العدل الدولية.
الحالة التى يظهر عليها «نتنياهو» الآن هل سعى لتصدير مشاكله للخارج؟ أم خوف من حل حكومته واعتقاله ومحاكمته؟ أم استعباط؟ أم التشبث بآماله الأخيرة لإضاعة الوقت حتى يأتى موعد الانتخابات الأمريكية وأمنياته بعودة «دونالد ترامب» للحكم فى أمريكا؟ أم كل ذلك.
طبعاً الإجابة تشمل كل ذلك.. «نتنياهو» يطمع فى السير قُدماً نحو كسب الوقت، فهو يحتاج لأسابيع أخرى من المراوغة والمماطلة والهروب من الاستجابة للرأى العام الإسرائيلى حتى يأتى موعد زيارته للولايات المتحدة الأمريكية فى الفترة ما بين (22 إلى 25) من الشهر الحالى وتحديداً ينتظر موعد خطابه فى الكونجرس الأمريكى يوم (24 يوليو) حتى يُوهِم الأمريكان والإسرائيليين بأنه ضحية ويدافع عن الأمن الإسرائيلى والمصالح الإسرائيلية.
ويعلن استمرار المفاوضات، لكنها مفاوضات بلا نتيجة حتى الآن، بل هو الذى يحاول إفشالها، هو يريد تهدئة الرأى العام الإسرائيلى وإعطاءه أملاً بأن هناك مؤشرات إيجابية على إتمام الصفقة، وهذا يعطيه ضمانة وحصانة وسبباً يراه هو مقنعاً من أجل إطالة أمد المفاوضات، وبالتالى إطالة مدة وجوده فى منصبه.. كل هذا لن ينفعه ولن يفيده، وسيُحاكم (إن عاجلاً أم آجلاً Sooner or later).