رضا فرحات يكتب: حياة كريمة.. أحلام البسطاء واستجابة الرئيس

رضا فرحات يكتب: حياة كريمة.. أحلام البسطاء واستجابة الرئيس
مما لا شك فيه أنّ موضوع التنمية المحلية يعد من الموضوعات التي تأخذ اهتماما كبيرا وبالغا من المستويات كافة على الصعيدين الدولي والمحلي، وقد أولت الدولة المصرية اهتماما بالغا بقضايا التنمية بشكل مطلق منذ القدم، وقد امتد هذا الاهتمام ليشمل التنمية المحلية بشكل عام، والتنمية الريفية بشكل خاص، ولعلنا لا نبالغ حين نقول إنّ أساس التنمية في مصر بدأ من الريف واستمر وتطور مع تطور احتياجات الإنسان المصري، ومعنى ذلك أن كلمة التنمية هي مرادف لمعنى النمو، ويرجع السبب في تقدمها أو تأخرها لعوامل متعددة منها العوامل الاقتصادية، إضافة إلى الجانب الاجتماعي المرتبط بعدالة التوزيع، والجانب السياسي المرتبط بالحريات ومدى ديمقراطية نظام الحكم، وختاما الجانب الثقافي.
لعلنا نكاد أن نجزم أنّ أي تغيير وتطور للمجتمع يجب أن يتم من خلال أطر ثلاثة:-
1. سياسة عامة محلية تعبر عن احتياجات الإدارة وذلك من خلال القيادات المحلية القادرة على استخدام واستغلال الموارد المحلية.
2. إقناع المواطنين بالمشاركة الشعبية والاستفادة من جميع الطاقات في المجتمع.
3. وجود تنمية بشرية قوية.
ومن المستقر عليه أنّ التنمية المحلية هي ذلك المشروع الذي يؤدي إلى خلق الإنسان الواعي والمبدع الذي يؤثر بصورة فاعلة وفعالة في تحقيق تقدم مجتمعه اقتصاديا وسياسيا واجتماعياً وثقافياً، وهى عملية تشاركية بين أجهزة الدولة كافة وجهود المواطنين المحليين من خلال أسلوب علمي يهدف إلى تطوير ثقافة المجتمع وتوعية بحقوقه وواجباته، وذلك بهدف تلبية احتياجات المواطنين في مختلف الوحدات المحلية.
إن القطاع الريفي يزخر بالإمكانيات والموارد والنواة المتميزة التي تكفي للنهوض به، ولكنه افتقر كثيرا إلى التخطيط الجيد والأدوات الفنية لتحديد وإظهار تلك الإمكانيات، بل وغابت عنه أحيانا الإرادة السياسية الراغبة في النهوض به، والتي تمثل واقعنا الإدارة وخاصة المحلي منه أحد المحركات الأساسية لإشكاليات التنمية والتغلب على إشكاليات تخص الموارد المالية والبشرية أو على الأقل عدم القدرة على استخدامها بشكل أمثل.
لقد كان قرار السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي بإطلاق المبادرة القومية الشاملة حياة كريمة لتطوير القرى المصرية بمثابة قبلة الحياة لما يقرب من 60 مليون مواطن يمثلون المجتمع الريفى المصري البسيط ذو التقاليد العريقة والقيم والمبادئ والرضاء بما كفلته الدولة لهم من مرافق وخدمات وبنية تحتية تكاد تكفي بالكاد للقدر البسيط للحياة.
إن غالبية قرى ومدن الريف المصري تعاني من نقص شديد في العديد من الخدمات والمرافق وقصور في البنية التحتية، إضافة لقلة الأمكانات والموارد وصعوبة التنسيق مع باقي الوزارات والجهات والحصول على اعتمادات مالية منها، وهذا هو ما لمسه الرئيس عبد الفتاح السيسي وشعر به، فهو متواصل دائما مع المواطنين البسطاء ويشعر بآلامهم وآمالهم.. فكانت تلك المبادرة الرئاسية لتطوير القرى المصرية والتي هزت مشاعر كل مصري وخاصة 60 مليون مواطن تقريبا يمثلون أهل الريف والقرى ومنحتهم 60 مليون حياة، وجسد مشهد السيد الرئيس خلال زيارته لعدد من القرى التي شملتها المرحلة الأولى للمبادرة مدى سعادة وامتنان أهالي تلك القرى لزعيمهم وقائدهم الذي استجاب لإحلامهم البسيطة في تحقيق الحياة الكريمة لهم.
لقد حققت مؤسسة حياة كريمة إنجازات عديدة في القرى التي تم تنفيذ المبادرة بها، وشملت الانتهاء من الأعمال الإنشائية لـ16.3 ألف كم شبكات صرف صحي، 149 مشروع صرف صحي متكامل وتوصيل وصلات الصرف الصحي المنزلي، وإنشاء 70 محطة مياه شرب، ومد وتدعيم شبكات مياه الشرب، والانتهاء من 318 مشروع تأهيل وتبطين ترع بطول 1164 كم، وإنشاء 168 كوبري و191 وحدة صحية، و157 وحدة إسعاف، وتوصيل الإنترنت فائق السرعة لـ59 قرية، وتركيب 989 برج شبكات محمول، وإنشاء 620 مكتب بريد، و8 طرق رئيسية، وإنشاء 45 محطة سكة حديد، وانتهاء الأعمال الإنشائية لـ114 مجمعا حكوميا، وإنشاء 73 منشأة تضامن، و51 عمارة سكنية، و361 مركز شباب، وتطوير 14170 فصلا وصيانة 1242 مدرسة، وإنشاء 93 مركز خدمة زراعية، و6 أسواق و9 مواقف و9 نقاط إطفاء، و124 نقطة شرطة، هذا فضلا عن المبادرات التى تقوم بها المؤسسة فى مجال برامج الحماية الأجتماعية للمواطنين، والأهم أن عملية وضع الخطط التنموية المطلوبة للقرى المستهدفة تمت بنهج تشاركى من خلال تشكيل 332 لجنة مجتمعية على مستوى كافة الوحدات المحلية القروية المستهدفة، وذلك في إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن إشراك مواطني القري المستهدفة في اختيار المشروعات ومتابعة تنفيذها إيمانا منه بأهمية إشراك المجتمع المحلي في تحديد متطلباته وهو أهم مبدأ من مبادئ ومفاهيم التنمية الريفية.
إن ما حققته المبادرة ومشروع القرن حياة كريمة يعكس إهتمام القيادة السياسية بأهمية الاهتمام ببناء الإنسان المصري وقد وضح ذلك جليا في التكليفات الصادرة للحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي وتعيين نائب لرئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وإعلان دولة رئيس مجلس الوزراء في برنامج حكومته أهمية استكمال باقي مراحل مبادرة حياة كريمة ليشمل الجمهورية كافة في 22 محافظة و 175 مركز و4800 قرية، وهو ماكان من المستحيلات لولا إيمان الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنّ المستحيل هو ما كان خارج حدود الممكن وأنّ الزمن مساحة محددة لها بداية ونهاية يمكن أن ندركها بالعزيمة والأمل فدفعه ذلك لتحقيق احلام البسطاء في القرى ذلك الحلم الذي تعثر بالمسافات ليستمر تحقيقه ليأتي بالعيش والحياة الكريمة لـ60 مليون مواطن كانوا ينتظرون جميعا تذاكر السفر المفتوحة إلي غد وأمل مشرق.
لواء دكتور/ رضا فرحات.. محافظ الإسكندرية الأسبق.. أستاذ العلوم السياسية.