د. منجي علي بدر يكتب: الحكومة الجديدة وتحسن المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري

د. منجي علي بدر يكتب: الحكومة الجديدة وتحسن المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري
مع تشكيل الحكومة المصرية وحلف اليمين أمام سيادة الرئيس يوم 3 يوليو الجاري والتي أطلق عليها حكومة التحديات، بينما أطلق عليها البعض الآخر حكومة جنى الثمار، وجاء برنامج الحكومة المصرية للفترة (2024/2025 – 2026/2027)، الذى وضعت له عنوانًا (معًا نبنى مستقبلًا مستدامًا)، ويقوم على استكمال البناء والتطوير ليضمن حاضرًا أفضل ومستقبلًا مستدامًا للأجيال القادمة، حيث تسعى الحكومة من خلاله إلى العمل على أربعة محاور رئيسية وهي: حماية الأمن القومى وبناء الإنسان المصرى وتعزيز رفاهيته، بالإضافة إلى بناء اقتصاد تنافسى جاذب للاستثمارات، وأخيرًا تحقيق الاستقرار السياسى والتماسُك الوطني، وقد توافق يوم 3 يوليو مع تاريخ 3 يوليو عام 2014 حينما أعلن المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك خارطة طريق ثورة 30 يونيو بتوافق مجتمعى كامل.
وتأسيسا على ما سبق ، فقد انتقل الاقتصاد المصرى من مرحلة اقتصاد الأزمة الى مرحلة الانطلاق نحو التحسن النسبى فى معظم المؤشرات الكلية للاقتصاد، حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات لأعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات مسجلا 49.9 نقطة. وزيادة الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى الى 46.4 مليار دولارفى نهاية يونيو 2024 فيما يعد الأعلى منذ فترة طويلة، وانخفاض حجم الدين العام الخارجى إلى 160.6 مليار دولار نهاية مارس 2024 مقابل 168 مليار نهاية ديسمبر 2023.
تحول عجز صافى الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفى إلى فائض بنحو 14.3 مليار دولار لأول مرة منذ 28 شهرا، وارتفاع الفائض الاولى إلى 5.6% مقابل 1.6% خلال نفس العامين.(بدون الأقساط وفوائد الديون) وتراجع عجز الموازنة العامة للدولة إلى 3.6% عام 2023/2024 مقابل 6% عام 2022/2023 وارتفاع سندات مصر الدولارية بالأسواق العالمية.
وتعمل الحكومة الجديدة على تحقيق عددٍ من الأهداف على رأسها: قضايا الأمن القومى، وبناء الإنسان المصرى، والارتفاع بمستوى وعيه الثقافى والاجتماعى، والعمل على توفير متطلبات المواطن المصرى من كافة الخدمات خاصة خدمات التعليم والصحة، ومواصلة مسار الإصلاح الاقتصادى، والاستمرار فى إكمال المشروعات والمبادرات التى بدأت مع مسيرة مصر التنموية منذ عام 2024 وبذل كلِّ الجهد للحدِّ من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، وذلك فى إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادى للدولة فى جميع القطاعات، والتركيز على زيادة فرص العمل، وخفض معدل البطالة، الذى تراجع إلى 6.7% خلال الربع الأول من عام 2024 وهو أقل معدل بطالة خلال العشرين عامًا الماضية، مع تحسين أوضاع العمالة المصرية بالخارج، وايلاء اهتمام خاص بسياسات الإسكان والمرافق والتخطيط العمرانى، والتوسُّع فى المدن المستدامة ومدن الجيل الرابع، والارتقاء بمستويات التحضُّر والتطور العمراني.
كما تستهدف الحكومة فى العام الأول من برنامج عملها (2024/ 2027)، تحقيق معدل نمو يبلغ 4.2%، على أن تحقق معدلات نمو تتجاوز 5% كمتوسط خلال فترة البرنامج، مع التحول نحو دور أكبر للقطاع الخاص فى توليد الناتج المحلى وفرص العمل، ومواصلة دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى، فضلًا عن خلق اقتصاد تنافسى قائم على المعرفة، ومنع الممارسات الاحتكارية.
وتركز الحكومة الجديدة على تحقيق الانضباط المالى وتعزيز الاستدامة المالية، وزيادة الإيرادات العامة بنحو 16% فى المتوسط سنويًّا حتى عام 2026/2027، وترشيد ورفع كفاءة الإنفاق العام ودمج عدد من الوزارات، وخفض إجمالى الدين العام، وتعزيز الشفافية المالية، كما سيعمل البرنامج على ضمان التمكين الاقتصادى والتنمية المكانية المتوازنة بين الشمال والجنوب، وكذا زيادة الاهتمام بمحافظات الحدود، وأيضا زيادة مساهمة الاقتصاد الأخضر فى الناتج المحلى الإجمالى، من خلال مضاعفة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء إلى إجمالى الاستثمارات العامة إلى نحو 55% عام 2026، وأن تصبح مصر مركزًا عالميًّا لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، والحرص على تعزيز البنية التشريعية التى تكفل للمجتمع المدنى ممارسة دوره بحرية واستقلالية، وتفعيل دور النقابات المهنية، فضلًا عن تعزيز ثقة المواطنين بالحكومة، وخاصةً فيما يتعلق بتعزيز مشاركة الشباب والمرأة فى الحياة السياسية والاقتصادية، وطرح مبادرات لتعزيز المشاركة السياسية للشباب والتوعية بحقوقهم المدنية والسياسية، وتعزيز سيادة القانون، مع مواصلة التوسـُّع فـى أعمـال مَيْكَنـة إجـراءات التقاضـى فـى المحاكـم والجهـات المعاونـة لهـا.
ونظرا للتكليفات المباشرة لفخامة الرئيس السيسي برفع المعاناة عن المواطن سوف تعمل الحكومة على متابعة مشاكل المواطنين والتعرف على حاجاتهم عن قرب والعمل على حلها، بالتعاون مع كافة مؤسسات المجتمع بما فيها منظمات المجتمع المدنى والأحزاب والقطاع الخاص.
ونثمن صبر المجتمع المصرى العظيم حتى عبرنا اقتصاد الأزمة الى الانطلاق، ونرجو الحكومة أن تكون أكثر جرأة فى قراراتها للانطلاق الاقتصادى والمجتمعى، حيث تتوافر حاليا كافة أدوات ووسائل التحرك السريع والفاعل لكى تتبوأ مصر مكانها اللائق بها وبحضارتها وتاريخها .