إعادة هيكلة وليس مجرد تشكيل

عماد فؤاد

عماد فؤاد

كاتب صحفي

استغرق تشكيل الحكومة الجديدة شهرًا كاملًا، منذ قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي استقالة الحكومة السابقة، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، الذي تم تكليفه مرة أخرى.

كانت التساؤلات (والاندهاشات) تدور حول طول المدة التي استغرقها التشكيل، فالأمر كما يتصور البعض أبسط من البساطة نفسها، وكل ما هناك أن وزيرًا يغادر، ويجئ أخر مكانه، وقضي الأمر، وتعددت التكهنات، وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بتشكيلات" مضروبة"، وكل اللي كان في نفسه حاجة قالها.

وبإعلان التشكيل الجديد، كانت المفاجأة، فلم يكن الموضوع قاصرًا على تغيير الأشخاص ضمن تشكيل جديد، ورأينا إعادة دمج لوزارات، واستحداث حقائب، ما يعني أننا بصدد إعادة هيكلة للحكومة نفسها، بما يتجاوز فكرة إعادة التشكيل المعتادة.

المؤكد أن مصر ليست دولة صغيرة، ومشكلاتها ليست بسيطة، لكنها دائمُا معقدة، و مركبة، وتبدو التفرقة بين مسبباتها في غاية الصعوبة، ولا تستطيع الحسم بسهولة إن كانت تلك الأسباب داخلية أو خارجية.

وفي كل الأحوال تظل ضخامة الجهاز الإداري للدولة من بين أهم المشكلات القائمة، خاصة مع كثرة عدد الوزارات بالمقارنة بعدد من الدول المتقدمة التي تقل فيها عدد الوزارات بشكلٍ ملحوظ.

وفي دمج الوزارات كما حدث في الحكومة الجديدة، تلوح في الأفق فرصة تحقيق التكامل بين السياسات ذات الصلة المشتركة بين أكثر من وزارة، وتقليص التعارض، وتعظيم الاستفادة من الموارد، ودعم القدرات المتاحة لتنفيذ السياسات المناسبة لخدمة المواطن صاحب الحق الأصيل في هذا البلد.

والمؤكد أيضًا أن كافة التحديات التي ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية، استأهلت إعادة النظر في تداخل اختصاصات الوزارات، وما صاحبه من عدم وضوح الأهداف، وبالتالي القدرة على الإنجاز.

وخطوة إعادة هيكلة الحكومة بهذا الشكل، كانت ضرورية من حيث الوقت والظروف المحيطة محليًا وإقليميًا، ونتمنى أن تحقق ما نتمناه جميعًا من رفع الكفاءة، وتطوير الأداءات، وتجاوز حيثيات الخمول.

ولسنا في حاجة إلى المطالبة بوضع سياسات جديدة، على ضوء الخبرات المكتسبة من تطبيق السياسات السابقة التي استدعت ليس مجرد التغيير، وإنما إعادة الهيكلة.

نحن أمام حكومة جديدة كلفها الرئيس السيسي بوضع ملف بناء الإنسان المصري على رأس قائمة الأولويات، وكذلك ضرورة الاهتمام بملفات الثقافة و التنوير، وتنمية الوعي الوطني، وتطوير الخطاب الديني، لترسيخ معنى المواطنة، ويقيني أن إعادة الهيكلة تستقيم مع تلك التكليفات، ولو أنصفت الحكومة ستترك بصمتها كحكومة تاريخية في تلك اللحظة الفارقة من عمر البلاد.