كيف أعاد قطاع الأخبار بالشركة المتحدة «الهيبة» للإعلام المصري؟

مصطفى عمار

مصطفى عمار

كاتب صحفي

على مدار أكثر من 20 عاماً عانت مصر من غياب إعلامها عن المنطقة العربية.. ويتحمل المسئولون عن الدولة خلال هذه السنوات السابقة التفريط فى مكانة مصر الإعلامية وانهيارها أمام كيانات إعلامية عربية أخرى استغلت هذا الغياب وحققت شهرة وانتشاراً كبيرين.. جعلت بعضها يتحكم فى استمرار بعض أنظمة الحكم والتعجيل بانهيار أنظمة أخرى.. ولعل المتابعين لما حدث فى المنطقة العربية والشرق الأوسط من عاصفة «الربيع العربى» يدركون جيداً ما أقوله.. وكيف دفعت دول كبرى ثمن تدخل إعلام هذه الدول فى شئونها الداخلية وتحريض الناس عليها ومحاصرتهم بالمشاكل والأزمات وتفجير الأوضاع لتنهار مؤسسات الدولة أمام الغضب الشعبى.. ومصر كانت إحدى ضحايا هذه التجارب بما دُبّر لها، بداية من عام 2009 حتى الانفجار الكبير فى 2011، وشبه الانهيار الذى عانت منه الدولة وجميع مؤسساتها نتيجة الضغط الإعلامى الكبير الذى تمت ممارسته ضدها مع غياب الدولة ووقوفها عاجزة عن التطوير والبناء وصناعة المستقبل.

دفعت مصر ثمناً غالياً لغياب إعلامها وتُركت الأمور إما فى أيدى قنوات فضائية عربية أو فى أيدى رجال أعمال حموا مصالحهم وأجنداتهم الخارجية على حساب أمن الوطن وسلامته.. لدرجة جعلت بعض رجال الأعمال من أصحاب هذه القنوات يعتقد أنه شريك فى حكم هذا البلد، لأن قناته كانت تمتلك وقتها المذيعين الأكثر تأثيراً فى الشارع.. كنا نتابع أحداث مصر الداخلية على شاشات القنوات العربية لدرجة جعلت إحدى القنوات تخصص قناة مباشرة لبث مظاهرات مصر وأعمال الشغب والفوضى، ليتأكد كل من يتابع هذه القناة أن هذا البلد لن تقوم له قائمة مرة أخرى.

وعقب ثورة 30 يونيو.. أدركت الدولة المصرية أن قوة الدولة وأمنها القومى لم يعد يكفيه فقط امتلاك مؤسسات قوية وجيش قوى وشعب مؤمن بدولته، وحجم التحدى الكبير الذى كلف هذا الشعب الكثير لإعادة بناء الدولة.. أنا هنا لا أبالغ في القول إن مصر تمت إعادة بنائها مرة أخرى من اللاشىء.. ولأصحاب الذاكرة الضعيفة يمكنهم العودة لـ«اليوتيوب» ليشاهدوا كيف كان يعيش المصريون عقب أحداث ثورة يناير وحجم الفوضى الذى أنهك جميع مؤسسات الدولة وقطاعاتها.. وهو ما جعل الرئيس عبدالفتاح السيسى يقول فى أحد خطاباته: «والله العظيم ما كان فيه دولة»، وأعتقد أننا جميعاً صدقنا ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولكن تخوننا الذاكرة فى بعض الأحيان عن شكل الحياة والطرق والعشوائيات والغياب الأمنى والفوضى التى ضربت مصر على مدار ثلاث سنوات كاملة قبل عودة الدولة لقوتها.

أدركت الدولة أهمية الإعلام وخطورته، وأنه أصبح أحد الأسلحة المهمة للدفاع عن الدولة وأمنها القومى.. وتم تأسيس الشركة المتحدة التى خاضت حروباً كبرى ومعارك، وواجهت حملات من التشويه والابتزاز لتتوقف عن دورها الوطنى فى إعادة جثة الإعلام المصرى للحياة.. وعلى مدار 6 سنوات تحولت الشركة لصرح إعلامى كبير، تحاول دول المنطقة الآن محاكاته وتقليده، لكن أعتقد أنهم لا يمتلكون إخلاص رجال الشركة المتحدة والمسئولين بها، ولا حجم الكوادر الكبيرة والخبرات النادرة التى يتمتع بها كافة العاملين بالشركة والموزعين على كافة قطاعاتها، سواء الصحفى أو الفضائى أو الإعلانى أو الرياضى أو الثقافى، بالإضافة للشركات التى تضمها الشركة تحت مظلتها، والشركات التى تتعاون معها لمنح فرصة كبرى للشركات الخاصة فى الاستثمار وتحقيق نمو اقتصادى لها.

وأريد أن أتوقف معكم هنا أمام واحد من أهم قطاعات الشركة، وهو قطاع الأخبار بالشركة المتحدة.. والذى يعتبر واحداً من أهم وأكبر إنجازات الشركة على الإطلاق لا لشىء سوى لأنه يعتبر الدرع والسيف الذى تواجه به مصر كل المخططات والأكاذيب التى تحاول أن تهدم قوتها وتنال من أمنها القومى.. وأعتقد أنه لم تتم محاربة مشروع إعلامى مثلما تم إعلان الحرب على هذا القطاع منذ الإعلان عنه، وتحديداً عقب الإعلان عن إطلاق قناة «القاهرة الإخبارية» ومواقعها الصحفية.. قناة الأخبار التى أعادت مصر لمكانتها الإعلامية، ولعل الدور الكبير الذى قام به القطاع عقب أحداث 7 أكتوبر وما بعدها فى إيصال صوت مصر والقضية الفلسطينية للعالم أكبر دليل على النجاح الكبير الذى حققه القطاع.. فى وقت كان يتعرض فيه لحملات ممنهجة من لجان مأجورة تحت ادعاء أن إطلاق قناة أخبار إقليمية أمر مكلف وليس منه أى جدوى.. غير حملات التشكيك فى كوادر القطاع لهزيمتهم نفسياً، ولكنهم ضربوا لنا جميعاً نموذجاً فى المهنية والوطنية والإخلاص والتميز فى العمل.. جعل كبرى قنوات الأخبار العالمية تنقل عنه القصص الإخبارية، وكان هذا القطاع وقناته الإقليمية سبباً كبيراً فى تغيير الإعلام العالمى لوجهة نظره فيما يحدث داخل قطاع غزة من مجازر إسرائيلية فى حق أشقائنا الفلسطينيين بعد أن فضحت قناة «القاهرة الإخبارية» حجم التضليل والأكاذيب التى تمت ممارستها على شعوب العالم من إعلامهم المضلل.. ولولا ما صنعه قطاع الأخبار بالشركة المتحدة لظل العالم أسير الأكاذيب الإسرائيلية.. ولكن هذا القطاع الذى يضم ٣ قنوات إخبارية محلية وإقليمية منذ نشأتها: (إكسترا - إكسترا لايف - القاهرة الإخبارية)، استطاع أن يعيد الحياة مرة أخرى للإعلام المصرى والعربى وينتصر من جديد للقضية الفلسطينية ويعيد طرح حل الدولتين الذى تبنته الدولة المصرية ورئيسها السيد عبدالفتاح السيسى.. 130 مذيعاً ومقدم برامج مصرياً، منهم 70 من المواهب الشابة الصاعدة. استطاعوا أن يكونوا قوة كبيرة للإعلام المصرى.. وليس هذا فقط، فالقطاع يمتلك أكثر من 43 مراسلاً حول العالم، بالإضافة إلى ثلاثة مكاتب رئيسية كبرى بواشنطن ولندن وبيروت، ويضم عدداً من الموظفين وصل إلى 1500 موظف من الكوادر والقيادات الشابة، ويفتح القطاع أبوابه للتعاون مع أكثر من 50 شركة متنوعة..

لم يكن هذا ليحدث دون رؤية كبيرة وواضحة من الشركة المتحدة والقائمين عليها.. والتى دعمت القطاع بكل ما تملكه من خبرات وقيادات، لتعود مصر كما كانت عاصمة للخبر وصاحبة سيادة وقرار فى الإعلام بمنطقة الشرق الأوسط.