مصطفى عمار يكتب: إسعاد يونس.. صاحبة السعادة
عرفت الفنانة والمنتجة والإعلامية المثقفة إسعاد يونس قبل أكثر من عشرين عاماً.. كنت وقتها فى بداية عملى الصحفى بجريدة «صوت الأمة».. كان الوصول إليها فى غاية الصعوبة، لأنها المنتجة الأهم والأكبر، ليس فى مصر فقط، ولكن فى الوطن العربى.. كانت الشركة العربية التى أسستها وصنعت منها إمبراطورية إنتاج كبيرة واحدة من أهم شركات الإنتاج التى عرفتها السينما المصرية على مر تاريخها.. وبمراجعة عناوين الأفلام التى تصدت إسعاد يونس لإنتاجها ستعرف كيف يستطيع المنتج أن يبنى تراثاً ثقافياً لدولته.
كانت إسعاد يونس دائماً ملاذاً للمواهب السينمائية الشابة على مستوى التأليف والإخراج والتمثيل.. وبدونها لما أصبحت مصر تمتلك هذا العدد الكبير من نجوم الصف الأول الذين دعمتهم «إسعاد» وكانت صاحبة بصمة مميزة فى مسيرتهم الفنية.. أتذكر جيداً كيف كانت تفتح أبواب مكتبها بشارع أحمد عرابى لتستقبلنى أنا وصديقى الإعلامى أحمد فايق لإجراء حوارات صحفية معنا، فى وقت كان يفشل من هم أهم منا فى الوصول إليها.. أتذكر جيداً عندما دعتنا إلى حضور عرض خاص محدود لفيلم «بحب السيما»، عقب تعرض الفيلم لحملة كبيرة لوقف عرضه.. وذهبت أنا و«فايق» لسينما شيراتون ونحن لا نزال فى بداية العشرينات، وبينما كانت إسعاد يونس تقف مع كبار الكتاب والصحفيين والسياسيين قبل بدء عرض الفيلم.. تتركهم وتتجه نحونا لترحب بنا وكأننا الصحفيون الأهم ليس فى مصر بل فى العالم.. وتصطحبنا لنجلس معها فى الصف الأول بين الحضور.. أتذكر عندما كنت ألجأ إليها لإعداد حلقة تليفزيونية عن فيلم من أفلامها وحجم الدعم الذى تقدمه لى لتنفيذ ما أريد عن طيب خاطر.
أتذكر عندما جلست مع المنتج الكبير محمود بركة والأستاذ محمد هانى لأطرح عليهما فكرة تقديم إسعاد يونس لبرنامج تليفزيونى كبير شبيه بما تقدمه الإعلامية الأمريكية الشهيرة أوبرا وينفرى، وتحمس «بركة» و«هانى» للمشروع، ولكن تراجعت إسعاد يونس بسبب خوفها على الشركة وإنتاجها.. كان هذا تقريباً فى نهاية عام 2009.. وبعدها قررت إسعاد يونس أن تطل بمقالتها الممتعة عبر صحيفة «المصرى اليوم» وصفحتها الأخيرة.. والتى ظلت لسنوات من أهم الأعمدة التى يحرص القراء على متابعتها بالصحافة المصرية.. ذكريات وسنوات كثيرة مرت أمامى وأنا جالس أمامها فى برنامجها الشهير والأهم بالوطن العربى «صاحبة السعادة» فى حلقة قررت تقديمها فى محبة الفنان الكبير عادل إمام، تشرفت بأن أكون واحداً من ضيوفها برفقة الزملاء والأصدقاء الأعزاء الكاتب الصحفى محمود فوزى، والكاتب الصحفى عبدالله غلوش.. سنوات عمرى فى المهنة مرت أمام عينى من محرر صغير فى مدرسة الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ عادل حمودة، وصولاً إلى تلك اللحظة التى أجلس فيها أمام إسعاد يونس للحديث عن واحد من أهم الفنانين ليس فى مصر فقط، ولكن فى العالم، بقيمة الأستاذ عادل إمام.
لخصت إسعاد يونس المحبة التى جمعتنا ودعمها المستمر لى ولكل أبناء جيلى من مواهب صحفية وفنية بجملة «أنت ابنى يا مصطفى»، فالحقيقة أنها شخصية استثنائية وملهمة لى ولكثيرين غيرى.. واستطاعت على مدار عشر سنوات أن تصنع أسطورة برامجية اسمها «صاحبة السعادة».. تحول بمرور الوقت لواحد من أهم البرامج التليفزيونية بالشرق الأوسط، بفضل كتيبة من المبدعين، سواء على مستوى الإعداد أو الإخراج أو الإنتاج أو الديكور، وكل تفاصيل البرنامج الملهم..
«إسعاد» رحلتها الفنية والثقافية أكبر من أن يحتويها مقال أو حتى عدد كامل من الصحيفة.. ولكنها ستبقى واحدة من رموز الفن والثقافة المصرية التى تركت بصمة كبيرة داخل عقول وقلوب محبيها.. كممثلة وكاتبة ومنتجة ومذيعة.. كل المحبة لصاحبة السعادة الفنانة الكبيرة إسعاد يونس.