بروتوكول هانيبال.. شفرة إسرائيل لقتل أسراها (2)

عماد فؤاد

عماد فؤاد

كاتب صحفي

تم وضع «بروتوكول هانيبال» بمعرفة عدد من قادة جيش الاحتلال الإسرائيلى فى عام 1986، بعد عام واحد من تنفيذ صفقة لتبادل الأسرى، مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وسلمت إسرائيل بموجبها 1150 فلسطينياً مقابل 3 جنود إسرائيليين، وخضع البروتوكول لعدة تغييرات على مدار سنوات تطبيقه، وتم تصنيف بعض نصوصه باعتبارها سرية، وحظرت الرقابة العسكرية الإسرائيلية مناقشتها فى الصحافة.

وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن المفهوم الغامض لدى الجيش الإسرائيلى الذى يرى أن «القتل أفضل من الأسر» تطبيقاً لـ«بروتوكول هانيبال» ظل قائماً بشكل سرى لسنوات، كما أن تفسير اسم البروتوكول نفسه كان محل خلاف، فهناك من رأى أن اختياره تم بشكل عشوائى، فيما رأى البعض الآخر أن الاسم مستوحى من اسم «هانيبال بن هاميلكار» القائد العسكرى لقرطاج، الذى فضّل قتل نفسه بالسم على أن يسقط أسيراً فى قبضة الرومان.

وأوضحت الصحيفة أن الإجراء الذى يتبعه الإسرائيليون يتضمن أن تكون المهمة الرئيسية أثناء عملية الاختطاف، هى إنقاذ الجنود، حتى لو كان ذلك سيؤدى إلى إيذائهم أو جرحهم، وإذا لم يتوقف الخاطفون، يتم إطلاق النار عليهم، حتى لو كان ذلك يعنى إصابة الجنود، ففى كل الأحوال يجب القيام بأى شىء لإيقاف مركبة الخاطفين وعدم السماح لهم بالهروب.

ظل «بروتوكول هانيبال» محل جدل بين أفراد الجيش الإسرائيلى لسنوات، ورفض عدد من قادة الكتائب توجيه الأوامر للجنود، حسب تعليمات البروتوكول، الذى يرونه متضمناً «مخالفة صارخة للقانون»، وتوجه جنود بسؤال إلى الحاخامات عن موقف الدين اليهودى من هذا الجدل، وتم توجيههم بعصيان البروتوكول.

أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة المعروفة بعملية «الجرف الصامد» عام 2014، حاول الصحفى الإسرائيلى «أنشيل فيفر» عبر مقال له فى صحيفة «هآرتس» إقناع الرأى العام بـ«بروتوكول هانيبال»، وقال: «لعل السبب الأكثر رسوخاً لفهم مدى الحاجة إلى هذا البروتوكول، هو الروح العسكرية التى تقتضى عدم التخلى عن الجرحى وتركهم فى ميدان المعركة».

وفى كتاب «بأى وسيلة ضرورية» الذى يعرض تاريخ إسرائيل فى التعاطى مع حالات الجنود الأسرى، وشرح مؤلفه الإسرائيلى «رونين بيرجمان» الموقف الملتبس حول البروتوكول، قال: «هناك حساسية مبالغ فيها لدى الإسرائيليين حيال قضية الجنود الأسرى، ويصعب شرح ذلك لغيرهم من الشعوب الأخرى».

وأرجع «بيرجمان» هذه الحساسية إلى تعاليم الطبيب والفيلسوف اليهودى فى العصور الوسطى «موسى بن ميمون»، الذى كتب: «ما من وصية أعظم من فداء الأسرى».

وعلقت صحيفة «ذا نيويوركر» الأمريكية أن مثل هذه الحجج «تنطوى على تناقض أخلاقى»، فمن حيث الجوهر تعنى «الروح العسكرية» أن إسرائيل تقدس أرواح جنودها، وأنها ستفعل كل ما بوسعها لمنع وقوعهم فى الأسر - بما فى ذلك تعريض حياة هؤلاء الجنود للخطر - وهذا بالضبط هو الموقف الملتبس الذى تجد إسرائيل نفسها فيه، أى إقناع الجيش أن «الجندى القتيل أفضل من الجندى الأسير»، وفى الوقت نفسه تسعى لإقناع عامة الشعب الإسرائيلى بأن الدولة لن تدخر جهداً لتأمين إطلاق سراح أى جندى يقع فى الأسر.

وفى الوقت الذى يزعم فيه قادة الجيش الإسرائيلى، وقف تفعيل «بروتوكول هانيبال» منذ عام 2016، أصدر بنيامين نتنياهو قراره باستمرار القصف الجوى على قطاع غزة، حتى لو أدى إلى إيذاء الرهائن، وذلك بعد ساعات من تهديد حركة «حماس»، بقتل الأسرى لديها، حال استمرار الطيران الإسرائيلى فى استهداف المدنيين الفلسطينيين.

ويرى محللون تحدثوا لموقع «سكاى نيوز عربية» أن إصرار «تل أبيب» على تكثيف الضربات الجوية على غزة، دون النظر إلى مصير الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس»، والتى سبق لها الإعلان عن مقتل أربعة منهم فى إحدى الضربات، يشير إلى نية الحكومة الإسرائيلية تفعيل «بروتوكول هانيبال» حتى لا ترجح ورقة الأسرى قوة «حماس» فى أى مفاوضات.