«السَمك المجاني» لا يوجد إلا في «مصيدة الفئران»
أؤمن بـ«نظرية المؤامرة»، مُتأكد من أن هناك طامعين فى «مصر»، وأعلم بأن «موقع مصر الجغرافى» لا مثيل له، وهذا يجعل استهدافها من أولويات آكِلى ثروات الأوطان، وأعرِف أن «أهمية مصر» لا يستطع أحد إنكارها أو إهمالها، ويبدو للكافة أن هناك من يريد «تركيع مصر».
ويبدو -أيضاً- أن هناك خططاً مُجهزة لإحداث فوضى فى مصر لإسقاطها من الداخل.. فى السنوات العشرين الأخيرة شاهدنا ذلك وتحديداً منذ (عام ٢٠٠٤) حينما قالوا لنا: سنُنفذ الفوضى الخلاقة بأى ثمن وسنُقسم المُقَسم وسنُفتت المُفتت وسنجعل دِول العالم العربى (كانتونات) صغيرة مُقسمة على أُسس عرقية وطائفية ودينية.
منذ (عام ٢٠٠٤) وحتى (عام ٢٠١١) تم العمل -بكل الطُرق- على تثوير الشعوب العربية، تمت زراعة التشاؤم فى قلوب المواطنين الضعفاء، تم التوغل داخل العقول العربية والسيطرة عليها بكلمات على شاكلة «الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان»، تم اللِعب بكلمات خطيرة تقول: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.
ثم وجدنا أنفسنا فى نهاية المطاف أمام هتاف أخطر يقول: الشعب يريد إسقاط النظام.. طبعاً كل هذا يحتاج أموالاً، التمويل الخارجى زاد، حجم التوغل الخارجى تَعمق فى المجتمعات العربية التى كانت مُستقرة بنسبة كبيرة وبنسبة مقبولة، التجاوزات زادت والتلاسُن وصل لمرحلة لا يمكن السكوت عليها، التمادى فى حق المؤسسات الأمنية انتشر.
وكله مقابل أموال معلومة ومرصودة ومكشوفة وآتية من منظمات خارجية مشبوهة وجهات تابعة لدول بعينها ومؤسسات تمويل لها أغراضها التى لا تخفى على أحد، فهناك مقولة شهيرة تنطبق على هذه الأفعال بالضبط تقول (إن «قطعة السمك المجانية» موجودة فقط فى «مصيدة الفئران»)، بمعنى إن كله بثمنه، كله مدفوع الأجر، ولا عزاء للأوطان.
حدث ذلك فى عموم الدول العربية، نفس المنظمات التى دعمت الفوضى فى «تونس وليبيا» هى نفسها التى دعمت الفوضى فى «مصر والسودان» هى نفسها التى كرمت قادة الفوضى فى «اليمن وسوريا والعراق».. نفس البيانات التى صدرت عن مؤسسات التمويل الخارجية للوقوف مع رجالها فى «مصر وليبيا» هى نفسها التى قدمت رجالها لتصدُر المشهد فى «اليمن وسوريا والسودان».
احتاج ذلك دعماً إعلامياً وقد كان، كسب من هتف بإسقاط وطنه الكثير من الأموال وزاد رصيده فى البنوك وتضخمت ثروته وأصبحت كافة تعاملاته بالدولار واليورو والإسترلينى، لكنه فى حقيقة الأمر: خسر كل شىء بداية من خسارته لنفسه وخسارته لوطنه وانكشاف أمره أمام أبناء وطنه.
هل تعلمنا الدرس؟، طبعاً تعلمنا الدرس، استفدنا من هذه التجربة المريرة، فقد خرجنا منها ونحن متأثرون وخاسرون لكنها -بصراحة- أقل الخسائر الممكنة، عقدنا العزم على عدم السماح بتكرارها، فقد أُجهِدنا بل تم إجهادنا بفعل فاعل معلوم والنتيجة أننا تعلمنا الدرس جيدا.
ونُدرك جيداً أنه كان درساً قاسياً علينا، ومن شِدة قسوته تعلمنا أن نكون أشداء فى حرصنا على وطننا، وبعدها: رفعنا شعار (معركة الوعى)، لا بد أن نكون واعين لما يُحاك ضدنا، ونتأكد أن هناك من يدفعوننا لتخريب وطننا الذى قمنا بإعادة بنائه بعد أن خربوه، وهؤلاء المُخربون لم يكونوا حَسنى النية تجاه الوطن بل كانوا معدومى النية.
التجارب السابقة علمتنا ألا ننجَرف نحو التضامن مع أصحاب الشعارات الذين تَوَحشوا وتضخموا ماليا وانتقلوا من التسَكُع على قهاوى وسط البلد إلى الإقامة فى الكومباوندات الشهيرة، تعلمنا أن نتدبر ما يُقال لنا من أصحاب الصوت العالى ونُدقق النظر فيما يقولونه لنا، لا نرضى بالمساس بالوطن بداعى الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان لأننا نمارس الديمقراطية التى تناسبنا والحرية المسئولة الرشيدة ونُدرك أن لنا حقوقاً وعلينا واجبات.