ماذا نفعل في مصر منذ 2014؟!.. حينما كانت خسائر الطرق 428 مليار جنيه!

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

قبل عامين تقريباً انطلقنا، وعلى صفحات هذه الصحيفة الموقرة، فى سلسلة طويلة تجاوزت الـ40 حلقة بعنوان ثابت بخلاف المتحرك نصه هو «حتى تكتمل الصورة» لشرح وتبسيط ما يجرى فى مصر.. ولكن بعد توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بدور أكبر للصحافة ووسائل الإعلام فى إعلام المواطن المصرى بما يجرى فى بلده والتأكيد على حقه فى المعرفة.. نبدأ هذه السلسلة فى سعى للحوار المباشر من جديد مع المواطن المصرى وبكل تبسيط ممكن.

كثيرة هى المشروعات القومية الكبرى التى تحتاج إلى توضيح وشرح للبسطاء حتى يصل الهدف منها.. أو للدقة الأهداف الحقيقية الكاملة للمشروعات، حيث تم تقديم بعضها بشكل غير كامل وأقل مما يستحق المشروع ونتائجه.

على سبيل المثال، تم تقديم مشروع الطرق كأنه خدمة للاستثمار وفتح شرايين له! ورغم أن هذا صحيح، وهو هدف مهم وأساسى لانطلاق عجلة الاقتصاد، فإنه ليس الهدف الوحيد.. وهذا الهدف نفسه تم تقديمه كأنه خدمة لرجال الأعمال!! ورغم أن هذا أيضاً هدف جيد جداً لأن مشروعات رجال الأعمال (المستثمرين) سيستفيد منها المصريون.. فهؤلاء من يسددون ضرائب للدولة يُنفَق منها على مشروعات وخدمات الشعب كله.. وهم مَن يوفرون فرص عمل للناس.. وهؤلاء بسبب ذلك يفتحون آلاف البيوت التى ستعيش أسرها على الدخل الذى سيتوفر لها، وبالتالى إنفاق جديد يدخل إلى الاقتصاد الوطنى يساهم فى تنشيطه ودوران عجلته، ومن جهة أخرى ينتشل عاطلين من جحيم البطالة ومشكلاتها والتى يدور مَن فيها فى بؤس وفقر قد يؤدى إلى الانحراف بصور متعددة.. جريمة وإدمان، وأقلها الأمراض النفسية!

نعود إذن إلى موضوعنا الأصلى.. هل هناك أهمية للمشروع القومى للطرق خلاف تسهيل حركة الاستثمار التى قلنا إنها مهمة جداً؟! نعم.. وحتى نستوعب المسألة علينا أن نعرف، ووفقاً لدراسة مهمة أجريت عام ٢٠١٦ بإشراف أحد أهم خبراء النقل فى مصر والعالم وهو الدكتور إبراهيم الدميرى!

تقول الدراسة إن إجمالى عدد قتلى حوادث الطرق فى مصر فى عام 2016 -عام الدراسة- وصل إلى 15 ألف قتيل و60 ألف مصاب وتدمير كلى وجزئى لـ40 ألف مركبة!.. وإن مصر تخسر سنوياً 428 مليار جنيه خسائر مباشرة وغير مباشرة.. وإن إجمالى الرحلات اليومية فى مصر بلغ 138 مليون رحلة، وهو رقم ضخم جداً، ومن المتوقع أن يتضاعف عام 2030، لافتاً إلى أن مصر تخسر سنوياً 12.5 مليار دولار فى الطيران فقط، ولا تستطيع أن تصبح ترانزيت رغم موقعها المتميز..!!

إن خسائر مصر بسبب شبكة الطرق بلغت 175 مليار جنيه من إجمالى 428 مليار جنيه، ويتوزع الرقم على 3 محاور، هى تكلفة الوقت المهدر وتكلفة الوقود المستهلك والازدحام المرورى وحوادث الطرق، وإجمالى خسائر مصر من التأخير بلغ 84 مليار جنيه عام 2016 على مستوى جميع المحافظات، أولها القاهرة بـ47 مليار جنيه، والإسكندرية فى المرتبة الثانية بـ12 مليار جنيه، ومن المتوقع أن تصل خسائر التأخير إلى 135 مليار جنيه فى 2030 إذا استمر المعدل -كما قيل وقتها فى 2016- بهذا الشكل! وتتراوح خسائر النقل بين المباشرة وغير المباشرة.. وهو ما يُعرف -كما قالت الدراسة- بالفرص المهدرة، وتتمثل فى عدم استغلال وسائل النقل الجماعى المختلفة مثل النقل الجماعى الحديث والنقل البحرى والبضائع والطيران الاستغلال الأمثل!

بالمناسبة، هذه الدراسة التى قدّمتها لجنة النقل بأكاديمية البحث العلمى التى ترأسها «الدميرى» لم تكن دراسة فردية قام بها الرجل وهو متكئ على كرسيه خلف مكتبه.. إنما تمت بمشاركة فريق كبير من الباحثين توفرت لهم الإمكانيات والإحصائيات والأرقام.. فضلاً عن خبرات بعضهم الكبيرة كأساتذة نقل ومتخصصين.. ولذلك نستخلص مما سبق أن حياة الناس ترتبط بشكل وثيق بالنقل.. مصالحهم.. أحوالهم.. وقتهم.. غذاؤهم.. إسعافهم.. سيارات المطافئ التى تهرع لإنقاذهم.. وقودهم.. أموالهم.. نفسيتهم وحالتهم المزاجية التى تكون غالباً وهم فى طريقهم إلى أعمالهم أو وهم عائدون إلى منازلهم، وكلاهما خطر أن يفسد مزاج أو نفسية كل واحد منهم لأنه سينعكس إما على الأداء الحكومى أو العلاقات الأسرية!!

الموضوع كبير.. ولذلك له بقية.