"بيارات" وإهمال شركة الصرف الصحى بالبحيرة يقتلان عاملاً وطالباً

"بيارات" وإهمال شركة الصرف الصحى بالبحيرة يقتلان عاملاً وطالباً
اتهم أهالى قرية «قافلة»، التابعة لمركز أبوحمص بمحافظة البحيرة، مسئولى شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالمحافظة بالتسبب فى مصرع شخصين داخل «البيارة» الرئيسية بالقرية، أثناء قيامهما بتطهيرها صباح أمس، مؤكدين أن الشركة لم توفر للعمال الحماية اللازمة لهم، فضلاً عن تأخر سيارة الإسعاف لمكان الواقعة لمدة زادت على الساعة والنصف، وقال الأهالى إن أحد العاملين يسكن بالقرية ويعمل باليومية مع شركة الصرف الصحى، لتوفير مصاريف دراسته، واستكمال دراسته بالفرقة الثالثة بكلية اللغة العربية «جامعة الأزهر».
واستنكر الأهالى عدم حضور أى مسئول لتقديم العزاء لأسرة المتوفى، لافتين إلى قيام الشركة بتغطية جميع «البيارات» الموجودة بالقرية عقب الحادث، لتفادى أى جزاءات يمكن أن يتم توقيعها عليهم إذا اهتم أى مسئول وقام بالتفتيش.
«لقد راح محمد ضحية شهامته وشجاعته»، بهذه الكلمات بدأ عوض عبداللاه على، «عم المتوفى» كلامه لـ«الوطن»، متابعاً: «ابن أخى طالب بالفرقة الثالثة بكلية اللغة العربية، جامعة الأزهر «فرع دسوق»، ويعمل باليومية بمشروع الصرف الصحى بالقرية لسد احتياجات الدراسة طوال العام، مستكملاً: «محمد» هو العائل الوحيد بعد أبيه لأسرته المكونة من ثلاث شقيقات، كان يحلم أن يتحمل مسئولية زواجهن مع أبيه، وبالفعل بدأ أولى خطوات تحمله المسئولية عندما قرر أن يعمل باليومية بمشروع الصرف الصحى، الذى بدأت تنفيذه الوحدة المحلية منذ سنوات بالقرية، ولم يستنكر العمل أو كونه عاملاً فى الصرف الصحى، على الرغم من أنه كان من المتفوقين وكان الجميع يتنبأ له بمستقبل باهر، وتابع «عوض» كلامه قائلاً: تلقيت اتصالاً من أحد الجيران يخبرنى أن ابن أخى نزل لإحدى البيارات لينقذ عاملاً وهم يحاولون إنقاذه، هرولت على الفور لمكان الواقعة لأجد «محمد» ملقى على ظهره وبجواره جثة العامل الآخر، وأخبرونى أنهم اتصلوا بالنجدة والإسعاف ولم يحضر أحد، مؤكداً أنهم ظلوا أكثر من ساعة ونصف فى انتظار سيارة الإسعاف لنجدته إلا أنها تأخرت فى الحضور، مؤكداً أن طوال هذه المدة يحاول الأهالى إنقاذ «محمد» أو إسعافه إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل.
وقطع ممدوح عبداللاه على، عم المتوفى، الكلام قائلاً: ما زال المواطن المصرى رخيصاً لدى حكومته، متابعاً: لم تكتف شركة مياه الشرب والصرف الصحى بحالة الإهمال التى طالت القرية منذ سنوات، وعدم توفير الحماية اللازمة لعمال الصرف الصحى، بل قام المسئولون بها بتضليل الأمن، مؤكداً أن بيان مديرية الأمن ورد به أن العامل بشركة الصرف نزل «البيارة» لإنقاذ «محمد»، مؤكداً أن العكس هو الذى حدث، مشيراً إلى أن «جابر» المتوفى الآخر فى الحادث هو المنوط به تطهير «البيارة» الرئيسية بالقرية، وأثناء نزوله وآخر معه، اختنقا من الغازات الموجودة بها، وظلا يستغيثان بالموجودين بالخارج، فما كان من «محمد» إلا النزول لإنقاذهما، وأخرج أحدهما بالفعل، ونزل مرة أخرى لإنقاذ الآخر، إلا أنه أغشى عليه بسبب الغازات الموجودة بالبيارة ولقى مصرعه مع الآخر عقب خروجه منها.
وأضاف «شعبان.أ.ح» عامل بشركة المقاولات المنفذة للمشروع وأحد شهود العيان: نزل جابر مصطفى عبدالعال، مع عامل آخر بالشركة لتطهير «البيارة» الرئيسية بقرية «قافلة» بعد انسدادها منذ فترة لعدم تشغيل محطة الصرف الصحى التى كان من المقرر تسليمها فى يونيو 2012، وأثناء ذلك سمعنا صوت استغاثة يأتى من داخل البيارة، فما كان من «محمد» إلا النزول لإنقاذ المستغيثين نظراً لأنه أخف الموجودين وزناً، وبالفعل أنقذ أحدهما ولكن شدة الغازات السامة داخل البيارة تسببت فى وفاته مع «جابر»، وتابع «شعبان»: تم الشروع فى توصيل الصرف الصحى بالقرية فى عام 2010 على أن ينتهى فى التاريخ المذكور، ومنذ ذلك التوقيت لم يتم تسليمه، ومن جانبهم أرجع أهالى القرية هذا التأخير إلى تقاعس المسئولين بشركة مياه الشرب والصرف الصحى.
من جانبه، أكد الدكتور محمد سلطان، محافظ البحيرة، لـ«الوطن» أنه جار التحقيق فى الواقعة، التى راح ضحيتها العامل والطالب، مشدداً على ضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة للصحة والسلامة المهنية داخل شركة مياه الشرب والصرف الصحى، قائلاً: «هناك قصور ملحوظ من قبل المسئولين والعمال فى الوقت نفسه بخصوص تطبيق شروط السلامة المهنية»، لافتاً إلى أن الشركة صرفت ملابس ومعدات خاصة للعاملين لاستخدامها فى هذا الأمر، إلا أن العاملين أهملوا فى تنفيذ الأوامر، مؤكداً أنه على المسئولين إلزام العمال بأخذ الاحتياطات اللازمة قبل النزول إلى البيارات، لافتاً إلى صرف التعويضات المقررة لأسر المتوفين.
كان شخصان لقيا مصرعهما، إثر سقوط أحدهما فى بيارة صرف صحى، ومحاولة الآخر إنقاذه، بقرية «قافلة» بمركز أبوحمص، فى البحيرة.