أيمن محسب يكتب: «القضية».. عقيدة مصرية راسخة

كتب: الوطن

أيمن محسب يكتب: «القضية».. عقيدة مصرية راسخة

أيمن محسب يكتب: «القضية».. عقيدة مصرية راسخة

 احتلت القضية الفلسطينية دائماً مكانة خاصة ضمن أولويات الدولة المصرية، ورغم تعدد الأنظمة الحاكمة لمصر منذ 1948 وحتى الآن، إلا أنها ظلت دائماً فى قلب مصر، ولاعتبارات الجغرافيا والتاريخ كانت دائماً، ولا تزال، جزءاً من الأمن القومى المصرى، بالإضافة إلى الإيمان الراسخ فى نفوس المصريين قيادةً وشعباً بعدالة القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين فى أن يعيشوا فى دولتهم المستقلة ويحصلوا على حقوقهم المشروعة كباقى شعوب العالم، فالدور المصرى فى دعم القضية الفلسطينية لا يمكن المزايدة عليه مهما تعالت نبرات التشكيك، فهو امتداد لتاريخ طويل من الدعم عمره أكثر من 7 عقود، هى عُمر القضية الفلسطينية، الدور الذى بدأ بمواجهة العصابات الصهيونية التى ارتكبت أبشع الجرائم ضد الشعب الفلسطينى، وتهجير أصحاب الأرض قسرياً، واحتلال أرضه، لتعلن عليها قيام دولة إسرائيل.

والحقيقة التى لا ينكرها إلا جاحد، أن مصر كانت جزءاً أصيلاً من القضية الفلسطينية فى جميع محطاتها العسكرية والسياسية والدبلوماسية، فعلى المستوى العسكرى خاضت مصر 5 مواجهات عسكرية مباشرة مع إسرائيل، قدمت فيها مئات الآلاف من الشهداء، وبفضل مصر كانت فلسطين حاضرة دائماً فى المحافل الدولية؛ محاولةً خلق رأى عام عالمى مزمن بعدالة القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم، وإقامة دولتهم المستقلة، وهو الدور الذى تلعبه مصر دون كلل أو ملل منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة، حيث أعلنت مصر منذ اللحظة الأولى رفضها للعدوان الإسرائيلى على القطاع واستهداف المدنيين العُزل، وما تقوم به من جرائم إبادة، فقد تمكنت مصر من كشف تفاصيل المخطط الإسرائيلى والذى كان مقرراً له أن يكون تكراراً للنكبة الأولى، تقوم فيها إسرائيل بحصار وتجويع أهالى غزة والقضاء على كافة أشكال الحياة بالقطاع، وتحويله لمنطقة جغرافية غير قابلة للحياة، ومع تصاعد الجرائم الوحشية يدفع جيش الاحتلال بالأهالى إلى الحدود المصرية حيث سيناء، ومن ثم يتحول القطاع إلى أرض بلا شعب، يحق لإسرائيل احتلالها والقضاء على حلم الدولة الفلسطينية تماماً، لذلك وقفت مصر أمام العالم لتقول «لا للتهجير.. لا لتصفية القضية الفلسطينية».

لم تكتف مصر بهذا الموقف، فقد خاضت معركة سياسية دبلوماسية لا مثيل لها، استخدمت فيها كل أدواتها من أجل تعريف العالم بالقضية الفلسطينية وفضح الأكاذيب والادعاءات الإسرائيلية، التى روجت لها بعد عملية طوفان الأقصى لكسب التعاطف العالمى، وتبرير الجرائم الوحشية التى ارتكبتها بحق المدنيين الفلسطينيين، وقد نجحت مصر فى مهمتها، فبعد أيام قليلة من العدوان حدث تحول ملحوظ فى مواقف عدد كبير من الدول، وهو الموقف الذى تطور مع استمرار الحرب حتى وصل حد تخلى بعض الدول عن دعمها للموقف الإسرائيلى، وإدانة ما يرتكبه جيش الاحتلال من انتهاك للقانون الدولى والإنسانى باستهداف المدنيين لا سيما الأطفال والنساء، وبفضل الجهود المصرية فى حشد المجتمع الدولى تعيش إسرائيل ضغوطاً دولية غير مسبوقة، خاصة بعد إعلان مصر الانضمام إلى جنوب أفريقيا فى الدعوى المرفوعة ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب بقطاع غزة، فضلاً عن إعلان المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، سعيه لإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت، فضلاً عن وجود تيار جارف من الداعمين والمؤيدين للاعتراف بدولة فلسطين المستقلة، إيماناً بالرؤية المصرية التى ترتكز على أنه لا سبيل لحل القضية الفلسطينية إلا بتنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو 1967، وفقاً للمقررات الأممية الصادرة فى هذا الشأن.

لم تتوقف الجهود المصرية عند هذا الحد، فقد خاضت ملحمة إنسانية غير مسبوقة من أجل تخفيف معاناة الشعب الفلسطينى عبر مسارين رئيسيين؛ الأول وقف إطلاق النار وإتمام صفقة لتبادل الأسرى والرهائن، فانطلقت أجهزة الدولة المصرية للتنسيق بين جميع أطراف الصراع، وبالفعل تمكنت من التوصل إلى اتفاق هدنة مؤقتة وإتمام صفقة تبادل للأسرى، وفى ظل إصرار إسرائيل على استمرار الحرب واصلت مصر جهودها من أجل صياغة رؤية متكاملة لحل الأزمة، ولعبت مصر فى المفاوضات دور الشريك الكامل وليس فقط الوسيط النزيه، ورغم محاولات تشويه الدور المصرى من جانب بعض وسائل الإعلام الأمريكية للضغط على مصر، وتحميل مسئولية فشل المفاوضات للجانب المصرى، إلا أن ذلك لن يثنى مصر عن استمرار دورها فى دعم القضية الفلسطينية وإزاحة الكارثة الإنسانية عن قطاع غزة.

أما المسار الثانى الذى اتخذته مصر لتخفيف معاناة الشعب الفلسطينى الخاص فهو إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية للأشقاء الفلسطينيين فى قطاع غزة، سواء كان ذلك من خلال معبر رفح البرى أو من خلال الإنزال الجوى، فقد قدمت مصر لقطاع غزة 80٪ من حجم المساعدات التى دخلت للقطاع فيما قدمت دول العالم مجتمعة 20% فقط، وذلك رغم ما يعانيه المصريون من ضغوط اقتصادية.

وختاماً.. مصر لن تتخلى عن دورها الداعم للقضية الفلسطينية ولأشقائها فى قطاع غزة، فدعم فلسطين بمثابة «عقيدة» راسخة فى الوجدان المصرى، لا يمكن أن تتغير أو تتأثر بنشر الادعاءات والأكاذيب.. فالقضية الفلسطينية فى قلب مصر وعلى رأس أولوياتها الوطنية.

* نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد


مواضيع متعلقة