لماذا يكره العرب أمريكا؟
كتب ستيفن بنروز رئيس الجامعة الأمريكية ببيروت مقالاً عام 1956 بهذا المعنى، لماذا لا يحب العرب أمريكا؟ وأنا غيرت فى العنوان ونقحته وأضفت إليه رصيد الكراهية الكبير الذى أضافته أمريكا منذ ذلك الحين وحتى الآن بعد مرور 68 عاماً تغيرت فيها الدنيا وأحوالها وعززت أمريكا كراهية العرب لها باقتدار. يذكر بنروز أغنية قديمة عن لعب القمار تقول بعض كلماتها: «لا يريدون أن يلعبوا معه، لأنهم فقدوا حبهم له، فقد رأوه يغش، ويخفى أوراق اللعب تحت المائدة. تعبر الأغنية عن مشاعر العرب تجاه أمريكا التى تغشهم فى كل أمور حياتهم، فهى تبدو وكأنها صديق بينما تضربهم فى السر والعلن، تظهر وداً وتمد يدها بالسلام وهى أول الدول التى اعترفت بالعدو الغاصب لأرض فلسطين وما زالت مستمرة فى تغذيتها بكل ما تريد وتحلم. فى مجلس الأمن تدعم عدو العرب، وهناك أيضاً ترفض أى قرار ينقذ المدنيين العرب.لو أحصينا ما ارتكبته أمريكا ضد العرب لن نجد دولة أخرى ارتكبت عشره ضدهم. كانت أمريكا محل تقدير وإعجاب العرب بعد خروجها من عزلتها الدولية ومشاركتها دول العالم فى بدايات القرن العشرين، لكن هذا التقدير والإعجاب صار كراهية بعد اعترافها ومساعدتها إسرائيل لتكون رأس حربة الاستعمار على حساب فلسطين وأهلها. هذا الموقف زرع بذور الكراهية التى سعت أمريكا سعياً حثيثاً لكى تنمو وتكبر بدون أدنى اهتمام للمصالح العربية وقضايا العرب الوطنية. لم تتوقف ماكينة الكراهية التى تديرها أمريكا عن ممارسة سياسات عدائية ضد العرب فى كل الدول، وهى التى تقوم بزرع الفتن وإشعال الحروب والعمل على تفتيت أراضيهم ووضع الاستراتيجيات التى تؤدى إلى تقسيم الدول إلى دويلات، حتى تتمكن إسرائيل من السيطرة عليها وتصير الأكبر والأقوى. ضربت أمريكا مشروعات التنمية فى مصر برفضها تقديم القروض لبناء السد العالى فى مصر، ضربت بيروت ودمرت لبنان مرتين، دمرت العراق واحتلته ومزقت نسيجه الوطنى وفتتت عشائره وأهله ونهبت كنوزه الأثرية والذهبية، ضربت ليبيا ودمرتها وعبثت فى السودان فانقسم إلى دولتين ومرشح لسيناريوهات سيئة، ضربت الصومال واليمن وتسيطر على البترول العربى وتستغله لحسابها وتستفيد منه أكثر مما يستفيد أصحاب الأرض.لم تظهر أمريكا أى سلوك يدل على حسن نيتها وصدقها لحل النزاع العربى الصهيونى، ومع ذلك تغوص أصابعها حتى الأعماق عابثة بالمصالح العربية علناً وسراً. هذا نذر يسير مما هو موجود، فهل يدفع ذلك العرب ليحبوا أمريكا؟!إن العرب على يقين من أن كل مصائبهم سببها أمريكا، فمن الطبيعى أن يكرهوها.