فريدة الشوباشي تكتب: رحلة عُمر مع الزعيم

كتب: الوطن

فريدة الشوباشي تكتب: رحلة عُمر مع الزعيم

فريدة الشوباشي تكتب: رحلة عُمر مع الزعيم

أنا من أشد المعجبين بعادل إمام، الفنان العملاق الذى عرفته فى بداية مشواره الفنى والذى أرجو أن يظل لسنوات كثيرة قادمة، حيث كان زوجى الراحل الكاتب على الشوباشى مهتماً جداً بالسينما، فدرس السيناريو وشارك فى بعض الأعمال الفنية.. وقد كان الكاتب والشاعر الكبير عبدالرحمن الخميسى، زوج فاتن الشوباشى، هو من عرّفنا على «عادل»، حيث عرض عليه دوراً فى فيلم من إخراجه، وأشاد بموهبته الفذة، متنبئاً له بصعود شامخ، ثم طلب منه تخفيض أجره، وهو ما رفضه «عادل» بإصرار رغم امتداح «الخميسى» الذى كان يمكن أن يدير رأس أى فنان فما بالك بفنان يخطو أولى خطواته.. صمم «عادل» على تقاضى الأجر المتفق عليه، حتى استسلم «الخميسى» وهو يقول له بغضب شديد إنه يسحب كل ما قاله له وإنه فنان صغير.. لم يهتز «عادل»، والمهم أنه انتصر انطلاقاً من إيمانه بموهبته الفريدة.

هذه القصة الصغيرة ظلت عالقة بذاكرتى بعد أن توطدت علاقتنا، «على» وأنا، بـ«عادل»، الذى كان يكن لـ«على» معزة خاصة، ولمعت فى رأسى قصة عندما كنا نسهر فى فندق سميراميس وتقدم رجل همس فى إذن «عادل» أن الأمير فلان يرغب فى التعرف عليه.. احتفظ «عادل» بهدوئه ورد عليه قائلاً: أهلاً وسهلاً بسمو الأمير ضيفاً على مائدتنا.. وأصيب الرجل بالبلاهة ثم غادر. مطأطئ الرأس.. وذكرنى ابنى «نبيل» بيوم اشترى «عادل» سيارة رمسيس، وكان يسميها رمسيدس، وأخذنا بسيارته، «نبيل» وأنا، فى نزهة لا تنسى.. وكان «نبيل» يحكى لى كيف اكتظ الشارع المؤدى إلى فندق «عادل» خلال وجوده فى باريس، وذُهل «نبيل»، وكم الذين هرعوا لمجرد إلقاء نظرة على عادل إمام.. كأننا فى دولة عربية.. ووقتها قال لى «عادل» بصدق رائع إنه مذهول من تدفق الجماهير، فقد كان يتصور صعوبة أن تعرفه الجماهير فى دولة أوروبية، وبهذه المناسبة كتبت مقالاً فى مجلة الكواكب.

والسؤال: لماذا عادل إمام؟ لأنه ورغم أحلام الشباب فى الزواج والحياة المريحة، كان يرفض، وهو فى أول الطريق، الأعمال التى لا تقول شيئاً بالمرة، أو تلك التى كانت تقول كماً من الهيافة، وبدأ الصعود بوتيرة هادئة أحياناً، وبإيقاع صاخب فى معظم الأحيان.. فرقت بيننا الحياة وتغربت مع أسرتى الصغيرة.. أصابنى هلع موجع عندما نطق «نبيل» بكلمة بالفرنسية وسألنى عن مقابلها العربى.. لم يستعد «نبيل» لغته العربية ولا هو احتفظ بها إلا من خلال أعمال عادل إمام، سرت العدوى بين الأطفال العرب فى فرنسا.. أحبوا لغة آبائهم من خلال حبهم لعادل إمام، وكتبت يومها لو كنت مسئولة لأقمت لعادل إمام عشرات حفلات التكريم ولمنحته أرفع الأوسمة فى كل دولة عربية، حيث أثبتت «المؤسسة الإمامية» أنها أكثر فاعلية بمراحل من جهود السفراء والوزارات.

محاولة حصر تأثير عادل إمام على الجماهير شبه مستحيلة، وهو ما أدى إلى انتخابه بالإجماع زعيماً فنياً بغير سلطان سوى سلطان الحب والصدق الذى استشعره الرادار المصرى والعربى بصفة عامة، فكانت أنزه انتخابات يحلم بها كثيرون فى مواقع المسئولية فى أقطارنا العديدة.. إن بصمات عادل إمام لا ولن تمحى، فقد تصدت أعماله للفساد والإرهاب وأزمة الإسكان ومعظم القضايا الساخنة، وجعلنا نضحك من همومنا حتى لا نموت كمداً قبل التوصل إلى حلول لها أو على الأقل الأمل بالحل.. ويا «أبورامى» نحن فى شوق إلى طلتك الحلوة التى تبعث فينا سعادة لا يقدر على منحنا إياها غيرك.. وندعو الله أن يمنحك الصحة بحيث لا تغيب أبداً عنا


مواضيع متعلقة