الأميرة رشا يسري تكتب: «مجلس القبائل».. ما بين السطور.. رسائل

مع تطور الأوضاع السياسية والأمنية فى مصر بعد أحداث العام 2011، عاد دور القبائل المصرية ليبرز من جديد كعامل حيوى فى الذود والدفاع عن سيناء ضد مخاطر الإرهاب ومحاولات فصلها عن جسم الوطن، وهى المحاولات التى استمرت لأن تشهد سيناء، نفس نموذج ما حدث فى شمال وشرق الفرات بسوريا الشقيقة، والتى لا يزال هذا الجزء من الأراضى السورية يعانى مرارة الانفلات والعبث والسيطرة من دول خارجية وجماعات متطرفة.

أن يُعاد تكرار هذا النموذج فى سيناء، التى سعوا لاستهدافها بنفس الجماعات التكفيرية التى تمكنت من فصل الرقّة ومناطق فى شمال وشرق سوريا عن سيطرة الدولة السورية، كان الهدف الأكثر إصراراً من القوى المعادية، لأن يتم تكراره فى سيناء فى محاولة لإخراجها من سيطرة الدولة، تماماً كما حدث فى شرق الفرات.

نجحت مصر بفضل تكاتف الجيش المصرى مع القبائل المصرية فى سيناء أن تنجو من هذا المصير، وكان لاتحاد قبائل سيناء الدور الوطنى الذى يسجله التاريخ فى حماية التراب المصرى بسيناء الحبيبة من سيطرة الجماعات التكفيرية، التى سعت لأن تمهّد الأرض لقوى التآمر الخارجى أن تكرر نموذج شرق سوريا فى شرق مصر داخل سيناء.

فما يُحاك ضد سيناء دائم ومستمر، منذ مؤتمر الحسنة فى عام 1968، عندما دعا وزير الدفاع الإسرائيلى موشيه ديان القبائل السيناوية إلى دعم فكرة تدويل سيناء، وقتها انتفض الشيخ سالم الهرش، شيخ مشايخ سيناء، مع جموع قبائل سيناء بالتصريح الواضح بأن سيناء جزء لا يتجزأ من مصر وستبقى مصرية.

كان هذا الموقف لا يمثل فقط قبائل سيناء بل كل قبائل مصر، وهو تأكيد على الوحدة والتماسك الوطنى القوى بين الدولة والشعب فى مصر على مر العصور.

ما حدث من القبائل المصرية فى سيناء هو فصل من تاريخ ممتد، لعبت فيه القبائل المصرية أدواراً متواصلة مع الجيش والدولة المصرية فى تأكيد تماسك الشعب ضد المؤامرات التى تستهدف أمن وسلامة ووحدة الأرض المصرية، كانت مواقف القبائل المصرية ثابتة وتضحياتها فى سيناء مستمرة عبر السنين. فمنذ حرب 1967 مروراً بانتصار أكتوبر المجيد فى 1973، وليس انتهاءً بما حدث بعد أحداث 2011، كانت قبائل سيناء شريكاً فعّالاً مع القوات المسلحة فى مواجهة التحديات والمخاطر التى تهدد أمن وسلامة الوطن فى سيناء.

وفى السنوات الأخيرة أثبتت القبائل فى سيناء تضامنها ودعمها الكامل للقوات المسلحة المصرية فى حربها ضد الجماعات الإرهابية فى شمال سيناء. وقد جاءت مبادرات القبائل لتكون دليلاً على الوحدة والتعاون القائم بين القبائل والجيش فى مواجهة التحديات الأمنية، وإظهار الولاء والانتماء الكامل للوطن والدولة المصرية.

الإعلان الذى تم قبل يومين عن تدشين مجلس القبائل العربية والعائلات المصرية من منطقة العجرة، يحمل العديد من الرسائل والكثير من الامتنان لرؤية الرئيس السيسى وجهوده فى تخليص سيناء من الإرهاب ومما كان يُخطط لها من محاولات استهداف، وهى المحاولات التى فشلت كلّها بفضل رؤية الرئيس السيسى الثاقبة، فى أن احتضان الجيش المصرى للقبائل فى سيناء سيُشكل درعاً قوياً متوحداً فى الحرب على الإرهاب، ومن ذلك كان مقصوداً أن تكون الرسالة الأوضح للجميع فى مؤتمر تدشين مجلس القبائل العربية والعائلات المصرية، بأن منطقة العجرة التى كانت هدفاً مع منطقة البرث للكثير من العمليات الإرهابية، سيتم تسمية مدينة جديدة فيها باسم الرئيس السيسى، امتناناً وعرفاناً وإعلاناً بالنصر الكبير على الإرهاب، وتأكيداً على فشل كل محاولات شق الصف بين الجيش والشعب، لتكون رسالة القبائل المصرية من هناك مجدداً بأن الجيش والشعب إيد واحدة.

الرسالة الثانية كانت فى تأسيس مجلس القبائل العربية والعائلات المصرية، وجمع كافة الكيانات الشبيهة فى كيان واحد برئاسة شرفية للرئيس السيسى، ورئاسة مباشرة للشيخ إبراهيم العرجانى شيخ مشايخ سيناء، ليضم تحت لوائه مختلف الاتحادات القبائلية الأخرى، فى رسالة واضحة أن حدود مصر الشرقية تماماً مثل حدودها الغربية مع ليبيا والجنوبية مع السودان، لها نفس القدسية فى وجدان القبائل المصرية، ونفس الرسالة فى دعم الدولة والجيش بهدف توحيد الجهود والتكاتف للدفاع عن أمن البلاد وحماية حدودها من التحديات والتهديدات المختلفة.

منذ ذلك الحين وحتى الآن، كانت القبائل المصرية ولا تزال تلعب دوراً بارزاً فى الدفاع عن البلاد ومواجهة التحديات الأمنية. وفى هذا السياق، يأتى إعلان دمج اتحاد قبائل سيناء مع اتحادات القبائل والعائلات المصرية الأخرى فى كيان واحد، برئاسة الشيخ إبراهيم العرجانى، كمحطة مهمة فى مسيرة دعم ومساندة القبائل للدولة المصرية. بهدف توحيد الرؤية وتكاتف الجهود فى مواجهة ما يحاك ضد مصر من مؤامرات وتهديدات تحاول العبور إليها من حدودها المشتعلة فى الشرق من فلسطين وإسرائيل، والغرب من ليبيا، والجنوب من السودان.

نعم.. من المهم للغاية أن تتوحد القبائل المصرية تحت راية واحدة، وأن يتمكنوا جميعاً من التكاتف والتضامن تحت راية واحدة مع السلطات المصرية فى مواجهة التحديات الأمنية المستمرة.