تقرير بلومبرج الذي كشف أن بعض المعارضة مجرد رخامة!

لؤي الخطيب

لؤي الخطيب

كاتب صحفي

فور تداول منشورات بلومبرج عن "بيع مصر"، قامت الهيئة العامة للاستعلامات بالتواصل مع الوكالة للاعتراض على هذا الخرق المهني الذي لا يتفق حتى مع معايير بلومبرج نفسها، وبالفعل قامت الوكالة بتغيير هذه الصياغة المعيبة.

 

التقرير على موقع بلومبرج يتحدث عن صفقات اتفقت عليها مصر وأخرى متوقعة مع دول خليجية شقيقة، بينما على صفحات الوكالة في مواقع التواصل الاجتماعي كُتب تعليقا على التقرير، إن مصر معروضة للبيع!

 

ليس اللافت هنا ما قامت به بلومبرج سواءً بالعنوان المعيب أو التراجع عنه فيما بعد، لكن اللافت حقا هم من تداولوا هذا التقرير بحماس، ليهاجموا صفقات الاستثمار الأجنبي باعتبارها "بيعا لمصر"، رغم أنهم كانوا ينادون طوال سنوات مضت بتخارج الدولة من المشروعات لصالح القطاع الخاص، فضلا عن ضرورة بذل جهود لجذب الاستثمار الأجنبي.

 

الآن، بعد انطلاق برنامج الطروحات الحكومية الذي ينظم تخارج الدولة من العديد من المشروعات، إلى جانب صفقة مثل رأس الحكمة التي تمثل أكبر استثمار أجنبي مباشر في تاريخ مصر، كيف لهؤلاء الذين نادوا بنفس هذا الأمر تماما أن يهاجموه؟

 

نحن أمام معضلة متكررة، غياب السياق، وهي معضلة يشترك فيها المطاريد الجواسيس في مواخير الإخوان الإعلامية، مع الكثير من الأصوات المعارضة هنا، غياب السياق يجعل المعارضة غاية، والاعتراض أسلوب حياة، بغض النظر عمّا تتم معارضته أو الاعتراض عليه.

 

ورغم اقتناعي بأن الديمقراطية الأمريكية ليست كما يتم تصويرها، لكن دعنا نذهب إلى الولايات المتحدة، وإلى الحزبين الرئيسيين هناك، كيف يعارض كل منهما الآخر حينما يكون في السلطة؟

 

كل حزب لديه أيديولوجيته وأفكاره الأساسية وبرامجه الرئيسية، ينطلق من هذه الأسس إلى التفاعل مع الأحداث السياسية سواء داخليا أو خارجيا، وبالطبع يتفق كلا الحزبين على الحد الأدنى الذي يضمن أمن البلاد.

 

المعارضة هناك غالبا ما تنطلق من سياق يجعل الرفض نابعا من جذور فكرية، وليست مجرد اعتراضات "للرخامة" على الحزب الحاكم، هذا الأمر حتى وإن كان المشهد بدأ يميل إلى الفوضوية في أمريكا المأزومة سياسيا وحضاريا في الوقت الحالي، إلا أنه يجعل للاعتراض وجاهة، وللنقاش معنى، فليس منطقيا أن يعارض الحزب الجمهوري قرارا من الديمقراطيين ويعترض على عكس القرار أيضا!

 

هل هذا ما لدينا؟ إطلاقا.. نحن نتحدث عن رخامة محضة تحكم الفكر المعارض في كثير من حالته.. ولا يمكن أبدا لهذه الحالة أن تبني وعيا.