12 عاما في «الوطن»

سعيد حجازي

سعيد حجازي

كاتب صحفي

مطلع أبريل 2012، داخل مدرج 1 بكلية الإعلام، وبعد انتهاء المحاضرة، استدعاني الراحل العزيز د. هشام عطية، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة آنذاك، وبعد حديث ودي، قال لي «تحب تروح الوطن؟»، فرحة لجّمت كلماتي، كلنا نسمع عن المولود الصحفي العملاق المنتظر صدوره، بقيادة «عتاولة المهنة» في ذلك الوقت، قبلها بأيام تلقيت عرضا في مكان صحفي آخر يصدر في نفس التوقيت، كذلك عملي القائم في مؤسسة صحفية حزبية مرموقة آنذاك، عرضت الأمر كله على الدكتور هشام، وجاء رده «سيبك من كل ده، انت مكانك في الوطن»، لحظات وكنا أمام مكتب د. محمود خليل بالكلية وكان مستشار الجريدة آنذاك، وبعد تبادل التحية والحديث، تم تحديد موعد مقابلة شخصية في مقر الجريدة بشارع مصدق بالجيزة.

في اليوم التالي كنت أمام مقابلة شخصية مع قامات صحفية كبيرة مع حفظ الألقاب «د. محمود مسلم - الراحل العزيز محمود الكردوسي- علاء الغطريفي - محمد البرغوثي - عيد حامد»، دقائق معدودة في المقابلة، أسئلة وإجابات تنم عن رغبة مُلحة في فتح الباب واسعاً أمام شباب جديد «يُثقف ومُثقف»، بعدها بساعات تلقيت مكاملة هاتفية من مكتب الأستاذ مجدي الجلاد تبلغني بالانضمام لكتيبة الوطن.

12 عاماً مضت على تلك اللحظات، عايشنا فيها تاريخ مصر وشاركنا في كتابته، كان «الوطن» شوكة في حلق الجماعة الإرهابية، خاضت معركتها مع الجماعة وأعوانها بشرف، أطلقنا سهام النقد على مرشدهم وكبيرهم الشاطر، فتحت «أبوابها» لقوى المعارضة الوطنية وجبهة الإنقاذ، دعمت حركة «تمرد» التي انطلقت في شوارع مصر للتمرد على تلك الجماعة الإرهابية، كانت ولا زالت «الوطن» صوتاً للشعب ومُعبّراً عن نبضه.

لم تسلم «الوطن» من بطش التنظيم الإرهابي، كما لم يسلم الوطن الكبير، إعمالاً بمبدأ «يا نحكمكم يا نقتلكم»، دفعت الجريدة ثمن جرأتها وفضحها للتنظيم الإرهابي، الذي رفض التعبير عن رأي الشارع الذي هو أساس عمل الجريدة، ونقل الأحداث والصورة الحقيقية في عام حكمه، أحرقوا مقر الجريدة كما حاولوا إحراق مصر من شرقها لغربها، وضعوا قادة المؤسسة على قوائم الاغتيال، حاولت عناصر الإخوان الإرهابية أكثر من مرة الاعتداء على صحفييها في أماكن عملهم المختلفة، أذكر منها اعتداء أتباع الإرهابي حازم صلاح أبو إسماعيل على الزميل حسين العمدة، وما حدث للزميل محمد نبيل في مارس من عام 2013، أثناء تغطية إحدى الفعاليات أمام مقر الإرشاد لجماعة الإخوان الإرهابية بالمقطم.

كانت تجمعات أنصار الجماعة أمام مقر الجريدة كل جمعة، بعد ثورة 30 يونيو، مشهد عبثي معتاد، حيث مسيرات أنصار الجماعة، تنطلق بعد صلاة الجمعة وتتجمع أمام الجريدة ويتم الاعتداء علينا بعدد كبير من الألعاب النارية، مع سيل من السب والقذف على الجريدة وصحفييها، واستمر هذا المشهد لأكثر من عام.

سنوات «الوطن» الإثنى عشر كانت الجريدة بجانب الدولة، تبنت موقف الشعب، دعمت الاستقرار والبناء كانت أداة توثيق لهذه الفترة الحرجة من تاريخ مصر، كنا نرصد يد الدولة التي تحارب جماعات التطرف والعنف، عاصرنا تطهير سيناء من الإرهاب، ورصدنا يد التنمية التي انطلقت في كل بقاع مصر، وزرع الأمل. في عامها الإثنى عشر أوجه التحية لـ«ناس الوطن»، صنايعية المهنة وكتيبته الصحفية الشابة، ودائما «الوطن قوته في ناسه».