شباب أمريكا أمل العالم
ليس من المبالغة إبداء الإعجاب بما يفعله الشباب في دول العالم بشأن قضية فلسطين وجرائم إسرائيل في غزة . حرك الشباب خاصة في أمريكا الرأي العام ووضع وسائل الإعلام في خانة – اليك – وأحرجها لأنها تناست دورها ومسئوليتها عن نقل وقول الحقيقة , وتركت الساحة لوسائل التواصل الاجتماعي لتشكل الرأي العام وتوجهه حسبما يحدث على أرض الواقع بعدما صار المواطن يملك النشر وصارت الصحافة صحافة المواطن.
انفجر الموقف في الجامعات الأمريكية بسبب حرب غزة التي شهدت موقفا مخزيا لدول العالم الكبرى واستخدام أمريكا للفيتو ضد كل القرارات التي في صالح وقف القتال وإنقاذ المدنيين ومحاسبة إسرائيل على جرائمها وإبادتها الجماعية للشعب الفلسطيني.
لم يكن موقف طلاب الجامعات الأمريكية جديدا , سبقه نفس الموقف لأجدادهم عام 1968 ضد حرب أمريكا في فيتنام وكانوا العامل الأهم في انسحاب أمريكا من فيتنام ووقف الحرب . ثاروا أيضا في مواجهة التمييز ضد الأمريكان الأفارقة واستطاعوا إجبار الإدارة الأمريكية على اتخاذ خطوات نحو إلغاء التمييز . وكانوا رأس حربة في مواجهة العنصرية التي تطبقها حكومة جنوب أفريقيا , حتى انتصر أصحاب البلاد وخرج نيلسون مانديلا رئيسا للدولة.
في نفس التوقيت عام 1968 ثار شباب فرنسا في مواجهة الأوضاع الاجتماعية وتردي الساحة السياسية وبمجرد انطلاق ثورة الشباب انضم إليهم 11 مليون عامل احتلوا المصانع وفر الزعيم الفرنسي ديحول إلى ألمانيا سرا وانتقلت شرارة الثورة إلى العديد من دول العالم وقام ازعيم الصيني ماو بما أسماه الثورة الثقافية ضد البورجوازية وضد حرب فيتنام.
كانت حركة الشباب التي تقبلها الرأي العام الأمريكي المحرك لإنهاء الحروب والعنصرية , والآن نأمل أن تكون حركة الشباب الأمريكي والأوروبي العامل الحاسم في إنهاء معاناة الفلسطينيين , نأمل أن تنتشر ثورتهم ضد إسرائيل إلى جامعات العالم . لقد أصيبت إسرائيل بجنون بسبب حركة الشباب في أمريكا وخرج نيتنياهو عن شعوره ليصفهم بالمعاداة للسامية، وطالب بن غفير بميليشيات مسلحة صهيونية لحماية الجاليات اليهودية ومؤسساتها في أمريكا والدول الأوروبية . لقد فقد صوابهم , خاصة أن طلابا يهود كثيرين من بين المتظاهرين ويرفعون أعلام فلسطين ويرتدون الكوفية الفلسطينية وهو ما يفني ادعاءات نيتنياهو بمعاداة السامية.
إن الأمل في طلاب الجامعات الذين كشفوا عورات أمريكا وفساد ديمقراطيتها الجامعية بعدما أقالوا رئيستي جامعتين سابقتين من أكبر الجامعات والآن من المتوقع إقالة رئيسة جامعة كولومبيا وهي مصرية الأصل – للأسف – والتي ضحت بالطلاب وبالقيم الجامعية لكي تبقى في منصبها في سلوك منحط حيث اجابت على أسئلة لجنة الكونجرس بأن شعار " من البحر إلى النهر .. فلسطين حرة " بأنه شعار معادي للسامية ؟؟ وبعد خروجها من الكونجرس سارعت باستدعاء الشرطة لكي تقتحم الحرم الجامعي وتقبض على مئات الطلاب.
إن حركات الطلاب السابقة تشير إلى أنهم لا يتوقفون إلا بعدما يحققون أهدافهم وهي فكرة تقلق إسرائيل خشية انتقال تأثير الحركة إلى الجامعات في دول أخرى وهو ما يؤثر على صناع القرار خاصة أن الرأي العام في تلك الدول يدرك أن بلاده تتحمل فاتورة حرب إسرائيل الظالمة في غزة وحرب أوكرانيا وهو ما يكلف الكثير ويرون في مشاركة بلادهم تلك الحروب أمر يضر كثيرا بأموالهم وبمستقبل بلادهم.
إن البعض يستعيد شعار ثورة الشباب في فرنسا الستينات " كن واقعيا .. واحلم بالمستحيل " .. وقد رفع أهل فلسطين في غزة هذا الشعار واستطاعوا أن ينالوا تأييد العالم ماعدا الاستعماريين التقليديين وهو ما يثير التفاؤل من تحقيق المستحيل وعودة الوطن الفلسطيني والقدس إلى أهله.