صلاح السعدني.. الفن والشلة
ينفرط عقد التمثيل حبة وراء أخرى وتتوالى أخبار رحيل فنانين كبار أثروا الحياة التمثيلية في المسرح والسينما والتلفزيون بأعمال تركت بصماته في حياتنا وسجلت مراحل تغير وتطور المجتمع في فترات مفصلية في تاريخ مصر . برحيل الممثل الكبير صلاح السعدني تكون حبة أخرى من حبات عقد النجومية والتألق قد انطفأت وتركت فراغا يصعب تعويضه.
كان السعدني أحد العصاميين في الحياة التمثيلية واكن من حظه أن شقيقه الصحفي الساخر الكبير محمود السعدني كان مرشده في الحياة وهو ما صقل ثقافته وحدد توجهاته السياسية من خلال ممارسة التمثيل.
درس صلاح السعدني في كلية الزراعة بجامعة القاهرة وشاءت الظروف أن يلتقي بالنجم الأشهر عادل إمام وصارت بين الاثنين مع النجم سعيد صالح صداقة وشلة ورغم ممارستهم التمثيل في الجامعة وانغماسهم في تعلمه إلا أنهم جميعا فشلوا في الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية وشقوا طريقهم من خلال أعمالهم التي شاركوا في فترة الستينات زمن بداياتهم.
بدأ السعدني بأدوار قصيرة في الأعمال الدرامية التلفزيونية بعدما تم تأسيس التلفزيون العربي ولفت الأنظار وتطورت أدواره وصقلت إمكانياته فلمع في فترة السبعينات وواصل صعوده وتوسع في العمل في السينما مع نجوم الصف الأول وقدم العديد من الأدوار.
لكن جاءت الطفرة الكبرى في حياة السعدني عندما قام بدور العمدة سليمان غانم في المسلسل الذي شغف به المشاهدون "ليالي الحلمية" الذي استمر كدراما أجيال وكان السعدني من أهم شخصياته وتابعه الناس وصاروا يرددون "لزماته" التي كان يبتكرها في المسلسل وكذلك لهجته التي صار يقلدها الفنانون في أعمالهم أو في اسكتشات التقليد التي يقدمونها.
ثم قدم السعدني أرابيسك وهو من أبرز أعماله في التسعينات وبدوره في أرابيسك كواحد من أبناء البلد الشعبيين ودوره في ليالي الحلمية كعمدة ريفي جمع السعدني بين طرفي الشخصية المصرية المحببة في المجتمع واستطاع أن يقدم نموذجين يحتذيهما الممثلون من الأجيال التالية، وهما من الأدوار التي رسخت في أذهان وذاكرة المشاهدين.
كان السعدني أحد أبناء مرحلة ثورة يوليو التي شهدت زخما فنيا فتح الباب واسعا للإبداع في مختلف مجالات الفن والتمثيل، وتميز أبناء هذا الجيل بتفانيهم لعملهم وإخلاصهم الوطني معتبرين ما يقدمونه من أعمال فنية دورا مهما في بناء الوطن.