هل تغلق مصر التيك توك؟
(1)
جيت إيطاليا إزاى؟
جيت عايم ولا نايم (مركب أم طيران)؟
هنا أحسن ولا مصر أحسن؟
دفعت كام علشان تيجى إيطاليا؟
الأسعار هنا أخبارها إيه؟ وبتعيش بكام فى اليوم؟
هذه الأسئلة وإجاباتها ملخص موجز لعشرات الآلاف من الفيديوهات على تطبيق تيك توك لأطفال وشباب مصريين سافروا إيطاليا عن طريق الهجرة غير الشرعية.
حكايات الهجرة غير الشرعية على «تيك توك» صنعت نجوماً.
ملايين من المتابعين، ومشاهدات مليارية دفعت بعضهم للتحول لإعلاميين، بمايكات حديثة ونُظم تصوير متقدمة وطريقة سرد احترافية، والحكاية واحدة: الإجابة عن أسئلة الشباب الراغبين فى الهجرة غير الشرعية لإيطاليا.
صحيح أن أغلب فيديوهات هؤلاء الشباب لا تخلو من تحذيرات لمن يريدون السفر عبر البحر، لكن الصحيح أيضاً أنها لا تخلو من إشارات تحريضية، ربما عن دون قصد، للسير فى نفس الاتجاه.
الحديث المتواصل عن آلاف اليوروهات فى أيادى أطفال وشباب صغار فى ظل أوضاع اقتصادية فُرضت على مصر، بمثابة دعوات محرضة.
نمط الحياة الذى يظهر فى غالبية الصور وفيديوهات الرقص فى وسط ساحة الدومو فى ميلانو، كلها دعوات تحريضية للهجرة غير الشرعية.
باليقين، اكتشف غالبية هؤلاء أن الحديث عن الغربة، مصحوباً بموسيقى موجعة وكلمات مؤلمة، وسيلة لجنى ملايين المشاهدات.
باليقين أيضاً، أن حديث غالبية هؤلاء عن أضرار الهجرة غير الشرعية يموت أمام شكل الحياة والحديث المتواصل عن اليوروهات.
(2)
منذ أسبوعين تقريباً، قال لى صديق إنه اكتشف أن لابنه «أكونت - حساب» على تيوك توك، يتابعه ما يقرب من 300 ألف متابع.
من بين الفيديوهات حكايات عن تفاصيل الحياة اليومية لما يدور فى البيت.
يظهر الطفل (14 سنة)، يحكى عن الخلافات اليومية بين الأب والأم وتدخُّل الأقارب لحل بعض المشكلات.
اللافت أن صديقى اكتشف أن ابنه تصله أسئلة عن تطورات الخلاف داخل المنزل، مما شجَّعه على سرد المزيد من التفاصيل.
قال بحسرة: الفيديو تجاوز مليون مشاهدة، مما شجَّعه على سرد المزيد من التفاصيل شديدة الخصوصية.
(3)
وصل عدد مستخدمى تيك توك فى مصر، فى بداية 2024، لما يقرب من 32.9 مليون مستخدم، بينما كان العدد فى بداية 2023 حوالى 23.7 مليون.
هذه هى الأرقام المتاحة للشريحة العمرية فوق 18 سنة، بينما يصل تيك توك لفئات عمرية أقل، لكن لا يتوافر عنها أية بيانات.
إعلانات «تيك توك» وصلت لما يقرب من 40.2%، من قاعدة مستخدمى الإنترنت فى مصر، مع بداية العام، فيما كانت النسبة فى بداية 2023، حوالى 29.4%.
حتى الآن، لا يزال فيس بوك، هو التطبيق الأكثر استخداماً فى مصر، بما يقرب من 45.4 مليون مستخدم، بزيادة 3.4 مليون مستخدم عن 2023، الذى كان عدد مستخدمى فيس بوك فيه حوالى 42 مليوناً.
صحيح أن عدد مستخدمى فيس بوك زاد، لكن ليس بنفس معدل زيادة عدد مستخدمى تيك توك.
وفقاً لمعلومات، هناك مخاوف واسعة داخل فيس بوك، خوفاً من النمو المتسارع لتطبيق تيك توك، للدرجة التى دفعت فيس بوك لتعديل بعض الخوارزميات لتناسب جمهور تيك توك.
هناك حرب حقيقية بين الطرفين، لم يظهر منها إلا قمة جبل الجليد.
اكتسب «تيك توك» شعبية واسعة، خلال حرب غزة وغيرها، نظراً لمساحة الحرية المطلقة، التى تمتع بها رواد التطبيق، على عكس باقى التطبيقات، التى فرضت قيوداً تخدم إسرائيل.
هذا الدور الذى لعبه «تيك توك»، زوّد من شعبية التطبيق وعلَّى من أسهمه ونمَّى جمهوره.
الحكومة الأمريكية تريد إغلاق تيك توك.
الكونجرس الأمريكى مرَّر قانوناً يُجبر مالكى التطبيق على بيعه وإلا حظره فى الولايات المتحدة الأمريكية.
أمريكا لديها أسبابها. ربما هذا جزء من الصراع الصينى الأمريكى على قطبية العالم، وربما لا.
(4)
التيك توك يخلق حالة من حالات طغيان التوقعات.
هو تكوين مختلف لجماعات الضغط.
باليقين، «تيك توك» يتمتع بقدر كبير للغاية من السلطة على كل جانب من جوانب حياتنا تقريباً.
شهرة سريعة، ربما تتبعها أرباح، كفيلة بإخراج بطن البيوت، شديدة الخصوصية، إلى العلن.
ليس منطقياً، أيضاً، بسبب المنشور على التطبيق دون رقابة، أن يبتلع البحر شباباً مصريين، حلموا بحياة شاهدوها على تيك توك. باليقين، ليست هى الواقع.
فى النهاية، أنا ضد الإغلاق أو فرض الوصاية على التطبيق فى مصر، لكن لا بد من وضع قواعد أو شراكة مع الشركة المالكة تتماشى وطبيعة المجتمع المصرى.
• مصدر الأرقام: التقرير السنوى المنشور على DataReportal