هل يرد «نتنياهو» على الرد الإيراني؟
حُسبت الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز والباليستية الإيرانية التى أُطلقت على إسرائيل بأنها جاءت (رداً إيرانياً عظيماً)، هكذا وصفتها وسائل الإعلام الغربية رغم فشلها فى الوصول لأهدافها أو تحقيق أى أضرار تُذكر فى إسرائيل وتم التصدى لها ومواجهتها.
ضربت إسرائيل القنصلية الإيرانية فى دمشق وقتلت (٧) من كبار قادة الحرس الثورى الإيرانى فاشتعل الموقف داخل إيران، وكان عليها الرد بأى طريقة لحفظ ماء وجهها أمام شعبها ومواطنيها وإعلامها، أعلنت إيران أنها سترُد، وأبلغت الأمريكان والأتراك والجانب السويسرى بالتوقيت قبلها بـ(٧٢) ساعة، دخلت بريطانيا وألمانيا وفرنسا على الخط وتضامنت مع إسرائيل فى مواجهة الطائرات المسيّرة والصواريخ التى أُطلقت، والآن يتساءل الجميع: هل سيرُد «نتنياهو» على الرد الإيرانى؟ الإجابة تقول إن «نتنياهو» فى معضلة كبرى، وتتمثل هذه المعضلة فى معطيات كثيرة أمامنا، أهمها الآتى:
- (معضلة أولى تاريخية): فمنذ (٣٣) عاماً كان «نتنياهو» يتولى منصب نائب وزير الخارجية الإسرائيلية وقت أن قام صدام حسين الرئيس العراقى وقتها بإطلاق (٣٩) صاروخ سكود فى اتجاه إسرائيل، ويومها أصابت هذه الصواريخ (١٤) إسرائيلياً وقتلتهم وأصابت الكثيرين ونشرت الفزع داخل قلوب المجتمع الإسرائيلى.
كانت هذه الصواريخ العراقية لإبعاد أنظار العالم عن اقتحام صدام للكويت وغزوها أمام شاشات العالم، وقتها طلبت الولايات المتحدة الأمريكية، على لسان الرئيس الأمريكى جورج بوش الأب، من إسرائيل عدم الرد على صواريخ صدام حسين.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلى وقتها إسحاق شامير، رضخ «شامير» لطلب بوش الأب، لكن نتنياهو -نائب وزير الخارجية وقتها- ثار وانتقد موقف «شامير» واعتبر أنه (غلطة استراتيجية وتنازل عن الرد وإهانة فى حق إسرائيل لأن صواريخ صدام حسين وصلت إلى عمق تل أبيب وهى بمثابة كارثة على إسرائيل وتجرؤ غير مسبوق على أمنها القومى).. والآن، الإعلام الإسرائيلى بالكامل يتحدث عن هذا الموقف ويُذكِّر «نتنياهو» به ويطالبه بضرورة الرد وإلا سيُصبح بلا مبدأ وعديم القيمة وقراراته غير مُتجانسة وكان مُغرضاً فى هجومه على «إسحاق شامير».
- (المعضلة الثانية): لدى نتنياهو فى مجلس الحرب وزراء متطرفون، ومنهم «بتسلئيل سموتيرتش» وزير المالية و«إيتمار بن غفير» وزير الأمن وهما الذين يُحرضانه على ضرورة الرد حفاظاً على سمعته، وهو دائماً ما يستجيب لهما فى كل توجهاتهما وسلوكهما، والأمثلة على ذلك كثيرة، وجميع المؤشرات تؤكد أنه سيستجيب لطلبهما بضرورة الرد على إيران وضرب أعماق طهران أو ضرب مصالحها ووكلائها فى عدد من الدول، خاصة أنهما قد هددا بضرورة الرد على إيران وإلا سينسحبان من الحكومة وسيتم حلها.
وهو ما يُهدد «نتنياهو» الذى يحرص على بقاء الحكومة فى موقعها بأى طريقه خوفاً من المحاكمة التى تنتظره فى ثلاث قضايا، وبالتالى يريد البقاء بأى طريقة حتى نوفمبر القادم وهو موعد الانتخابات الأمريكية منتظراً نتيجتها التى ستُحدد أموراً كثيرة تتعلق بحلفائه فى واشنطن.
- (المعضلة الثالثة): توجيهات واشنطن التى صممت على ضرورة عدم الرد والامتثال لها، ومن الواضح أن عدم الرد مُتفق عليه مع إيران قبل رد إيران، ويبدو أن أمريكا على توافق مع الاتحاد الأوروبى بأن تمتنع إسرائيل عن الرد فى مقابل قيام الاتحاد الأوروبى بتشديد العقوبات على إيران، ومن هذه العقوبات (وضع الحرس الثورى الإيرانى على قوائم الإرهاب- صرف تعويضات مالية ضخمة لإسرائيل- فرض عقوبات على برنامج إيران الصاروخى).