رؤية مصر.. الدولة الفلسطينية وتصويت مجلس الأمن!
غداً سيصوت مجلس الأمن على مشروع قرار عربى صاغته وقدمته المجموعة العربية بالأمم المتحدة يقضى بمنح فلسطين العضوية الكاملة بالمنظمة الدولية لترتقى من مجرد عضو مراقب إلى عضو كامل العضوية!
بالطبع شروط وجود أى دولة هى الشعب والأرض والسلطة، وفى حالة فلسطين تخالف الأمور تماماً التعريف القانونى للدول، حيث يوجد الشعب ولا توجد الأرض واقعياً بينما توجد سلطة محدودة ومحددة الصلاحيات.. ولذلك يفهم من المحاولة دعم عربى وخلفه دعم دولى غير مسبوق لإعلان وتأسيس دولة فلسطينية تفرض بالأمر الواقع وبقرار من المجتمع الدولى رغم مخاطر رفض القرار بفيتو أمريكى متوقع بنسبة كبيرة!
يعنينا -فضلاً عن أمنياتنا بنجاح المجموعة العربية فى تمرير القرار- الرؤية المصرية للدولة الفلسطينية ولما يسمى حل الدولتين ولمجمل القضايا المعلقة التى صدّرها العدو الإسرائيلى لأى مفاوضات تمت بينه وبين الفلسطينيين طوال السنوات الثلاثين الماضية فى أوسلو ومدريد وغيرها وغيرها.. حتى ينتقل من قضية إلى أخرى أملاً فى إضاعة الوقت ووضع العراقيل ثم عدم الوفاء بأى التزام والذهاب عند الضرورة إلى انتخابات داخلية تأتى بمن يلغى ما تم الاتفاق عليه ولذلك ثلث قرن من المفاوضات لم يلزم العدو بأى شىء ولم يوف بأى شىء قرر الالتزام به!
أثناء ذلك تعاملت مصر وفق ثوابت لم تتبدل بل زادت قوة ووضوحاً وانعكست على التعامل مع العدوان على غزة إذ استدعيت بالكامل لطرح حلول تعالج القضية من جذورها.. فحادث ٧ أكتوبر حذرت مصر منه وتوقعته نتيجة للضغوط الرهيبة التى يعانى منها الشعب الفلسطينى من عدوان يومى عليه يسقط خلاله شهداء وجرحى فضلاً عن عدوان لا يتوقف على الممتلكات ومصادرتها وهدم بيوت واقتلاع أشجار ومصادرة أموال والكارثة الكبرى فى العدوان على المقدسات العربية.. إسلامية ومسيحية.. ولذلك كان الطرح المصرى يعالج الصراع من جذوره بما يمنع أى انفجارات فى المواقف مستقبلاً.. حيث تؤمن مصر بوجود شعب عليه أن يعود إلى أرضه المحتلة ليحكمها بنفسه.. وسمى حل الدولتين لوجود كيان إسرائيلى أعلن عام ١٩٤٨ ولقى اعترافاً دولياً بكل أسف ثم احتل باقى الأرض الفلسطينية بعدها دون اعتراف دولى باعتبارها هى الأرض الفلسطينية التى يجب أن تقام عليها دولة الشعب الفلسطينى لتعيش الدولتان -وفق حل الدولتين- جنباً إلى جنب!
ولكن تقدمت الرؤية المصرية الأشهر الماضية لتتحدث عن إقامة وإعلان الدولة الفلسطينية على اعتبار أن الظروف تجاوزت مصطلح الدولتين.. وبات العالم يتطلع لدولة الفلسطينيين ترى مصر أنها يجب أن تكون قابلة للحياة.. بمعنى أن يتوفر لها الاستقلال.. والحدود الثابتة.. القدس الشرقية بمقدساتها عاصمتها.. لها عاصمة ولها تمثيل دبلوماسى وتمتلك مطاراً وميناء ولها عملتها وتضع بنفسها مناهج تعليمها ولها قوات أمن وقوات جيش نظامى حتى لو تأجل ذلك لمرحلة لاحقة لتثبيت دعائم الدولة أولاً.. مع تخيير الفلسطينيين كأفراد بين حق العودة لقراهم وبلداتهم وبيوتهم أو الحصول على التعويض!
وبالتالى تدعم مصر كل مقومات دولة فلسطينية تمتلك مقومات الاستمرار والنجاح.. واعتبار ذلك هو أصل الموضوع.. أصل المشكلة. ولا يستطيع أى زعيم أو قائد فلسطينى القبول بغير ذلك وإلا اعتبر خارجاً عن الإجماع الوطنى الفلسطينى، وبالتالى سيرفض ما دون ذلك خاصة وقد قدمت تضحيات هائلة سيعتبر القبول بغيرها خيانة للتضحيات والدماء الفلسطينية وبالتالى ستتفجر الأوضاع من جديد وبالتالى ستعود إلى المواجهات وإلى نقطة الصفر.. وهكذا كل فترة وعلى حساب حقوق الشعب الشقيق وعلى حساب الاستقرار فى المنطقة كلها!
الحل الجذرى الذى تطرحه مصر لقى قبول العالم كله حتى ولو بدرجات عدا العدو الإسرائيلى طبعاً، الذى يسعى لابتلاع الأرض وطرد السكان ثم البحث عن أرض جديدة يبدأ فيها مسلسل جديد للابتلاع!
فى مؤتمر القاهرة للسلام جاءت كلمات الدول مغايرة لموقفها فى ٧ أكتوبر وقبل الأحداث كلها.. ثم تطور ذلك أيضاً إلى حد التأييد الكاسح لتأسيس وإعلان دولة فلسطين.. وهكذا يكون الدور السياسى والدبلوماسى الذى يسجل أهدافاً لصالح قضيته وقضايا الأشقاء.. مهما ارتفع صوت الموتورين والغوغائيين ومراهقى السياسة فى كل مكان..
تحيا مصر والأمة العربية.