تجليد الكتب بجلود البشر
مازالت جرائم الاستعمار الغربي في حق البشرية تحتفظ بتفاصيل لم نعرفها بعد . ومازال تاريخ العبودية والعنصرية وإبادة البشر في أمريكا يخفي الكثير من التفاصيل.
ومؤخرا نشرت جريدة " الشروق " موضوعا صحفيا عن إعلان جامعة هارفارد الأمريكية المشهورة اعتذارها عن احتفاظها بكتاب فرنسي منذ ما يقرب من قرن تم ربط صفحاته فيما بينها بجلد إنسان .
الجامعة الأقدم في امريكا والأولى عالميا أكدت أنها أزالت الجلد البشري من رباط نسخة الكتاب الذي حرره الفرنسي أرسين هوساي بعنوان " مصائر سيئة " الصادر في ثمانينات القرن التاسع عشر والذي كانت تحتفظ به في مكتبة " هوتون " إحدى مكتبات الجامعة .
الإعلان عن هذا الاكتشاف يثير الكثير من المسائل والنقاط التي لا نجد لها مبررا . لماذا احتفظت الجامعة بالكتاب على حاله طوال هذه المدة التي زادت على قرن ؟ ولماذا لم تقم بإزالة الجلد البشري الذي أعلنت أن وجوده على كتابها " مسألة تمس كرامة الإنسان الذي استخدم جلده أو بقايا جسده في تجليد الكتاب " .
لقد أعلنت الجامعة أيضا أن " هذه الممارسات لا تتوافق مع المعايير الأخلاقية التي تنتهجها " !!! هل رأيتم مدى جمال وبلاغة صياغة العبارات ببراعة ؟ .
وأكدت الجامعة أنها " تعتذر لأولئك الذين تضرروا " .
كان الكتاب لصحفي وناقد فرنسي وتحتفظ به الجامعة منذ ما يقرب من قرن وعندما قامت المكتبة بحرد موسع لمكتباتها اكتشفت وجود هذا الكتاب وغيره .
وحسبما نشرت جريدة نيويورك تايمز أن الجامعة اكتشفت وجود ما يقرب من عشرين ألف بقايا بشرية في كتبها وهو ما يبين دورها في العبودية والاستعمار منذ نهاية القرن السابع عشر .
قصة الكتاب تظهر مدى قسوة الغربيين وحتى الأطباء منهم ، فقد عرض الكاتب كتابه الذي يتناول أفكارا عن الحياة بعد الموت على طبيب فرنسي آخر - لودوفيك بولان - المتخصص في العلاج النفسي الذي أبدى إعجابه بالكتاب وعرض على الكاتب فكرة شيطانية هي ربط صفحات الكتاب بشرائح من جلد سيدة مريضة كان يعالجها وماتت .
الجامعة قالت أنه لا توجد موافقة من المريضة على ما قام به الطبيب !! إن أقل وصف لهذا الطبيب إنه مجنون ، فهذه الأعمال لا تصدر عن عقلاء أو اسوياء ، ويجب أن يدان اسمه وتتخذ ضده عقوبات علمية وأكاديمية ، كأن تمحى مؤلفاته - إن وجدت - أو يوصم بما يتناسب مع فعلته الدنيئة التي لا تمت لبشر أو طبيب بأي علاقة .
إن التاريخ يتكشف يوم بعد يوم ويعرف العالم مدى ما ارتكبه الاستعمار واستعباده وتعذيبه للناس في كل مكان حل فيه .
وإذا كان هذا موقف لجامعة في هذه المكانة فما الحال لمؤسسات أخرى استعمارية تخفت في صورة جامعة أو مستشفى أو أي كيان مدني ومن خلاله يتم تنفيذ سياسات الاستعمار التي منها تعذيب البشر وسلخ جلودهم واستخدامها في صنع أرقى الأشياء وهي الكتب حاملة العلم .