الدكتور هاني تمام يكتب: الصيام الصالح

كتب: الوطن

الدكتور هاني تمام يكتب: الصيام الصالح

الدكتور هاني تمام يكتب: الصيام الصالح

الصيام فى الإسلام هو الإمساك عن المفطرات من الفجر إلى المغرب بنية، وعلى هذا فأركان الصيام هى النية، والإمساك عن المفطرات من الفجر إلى المغرب، قال تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ»، والمراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود: بياض النهار وسواد الليل. والنية ركن فى الصيام والصلاة والزكاة والحج وكل عبادة يتقرب بها العبد إلى مولاه؛ قال تعالى: «وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ»، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، والنية ركن فى الصيام؛ لأن الامتناع عن المفطرات فى النهار قد يكون عادة الإنسان أو بسبب مرض ونحو ذلك، فتأتى النية وتحدد أن هذا الامتناع إنما هو عبادة لله تعالى، فالنية تميز العادة عن العبادة، واختلف الفقهاء فى نية صيام شهر رمضان، فقال جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إن النية تجب لكل يوم؛ لأن كل يوم عبادة مستقلة.

وعلى هذا، فالواجب على كل صائم أن ينوى الصيام كل يوم من أيام رمضان وتكون النية من الليل، وقال الإمام مالك، رحمه الله: إن النية تكفى لصيام الشهر كله فى أول ليلة فقط، فهى واجبة فى أول ليلة فقط، ولا يجب على الصائم تجديدها فى كل يوم، بل يستحب، فمن نوى فى أول ليلة من شهر رمضان صيام الشهر كله كفاه ذلك، والأولى والأحوط أن يجمع الصائم بين القولين فينوى فى أول ليلة صيام الشهر كله ويسأل الله العون والتوفيق والقبول، ثم يجدد النية فى كل يوم، والنية فى صيام شهر رمضان تكون فى أى جزء من أجزاء الليل بداية من المغرب وحتى قبل طلوع الفجر؛ لقول النبى، صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ، أى يعزم عليه فَلَا صِيَامَ لَهُ»، وقال السادة الحنفية: إن النية فى شهر رمضان تجوز من الليل إلى ما قبل الضحوة الكبرى أو زوال الشمس، أى قبل الظهر بدقائق، ولهم أدلتهم فى ذلك، وحملوا حديث النبى السابق الذى يدعو إلى تبييت النية من الليل على نفى الكمال لا الصحة، أى لا يكون الصيام كاملاً إلا لمن بيت النية من الليل، والأولى أن يبيت الصائم النية من الليل، ولا مانع من الأخذ بقول الحنفية فى حالة النسيان. والنية محلها القلب، ويجوز التلفظ بها ولا حرج فى ذلك. ومن تسحر بالليل لأجل الصيام ولو على شربة ماء فهذه نية. وينبغى أن يخلص الصائم فى نيته، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، إيماناً أى مصدقاً بفرضيته وأنه حق، واحتساباً أى يريد بصيامه وجه الله تعالى وحده ويحتسب الأجر عنده ولا ينتظر ثناء الناس. وينبغى على الصائم أن يحرص على فعل الصيام على أحسن ما يكون وأن يجتنب أى شىء يفسد الصيام.

ومن الأشياء التى تفسد الصوم ويجب فيها القضاء: الأكل والشرب عمداً، فمن أكل أو شرب عمداً وجب عليه القضاء عند بعض الفقهاء، وقال الحنفية يجب عليه القضاء والكفارة. ومن أفطر عامداً فى رمضان فقد ارتكب إثماً عظيماً وذنباً كبيراً ولن يعوضه صيام الدهر كله كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ وَلَا مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ وَإِنْ صَامَهُ»، أما من أكل أو شرب ناسياً فلا قضاء عليه، ولا كفارة، وعليه أن يكمل صيامه، قَالَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَسِىَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ» وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَفْطَرَ فِى شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِياً، لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ».


مواضيع متعلقة