«الشركة المتحدة» كيف ولماذا؟.. (5) إدراك التحديات أولاً!
البعض يتصور -بحُسن نية- أن نجاح «الشركة المتحدة» يعنى أن تتوسع فى أدواتها، تمتلك أكبر عدد من القنوات والصحف والمواقع، وتُنتج أكبر عدد من المسلسلات والبرامج، وتقدم أكبر عدد من الإعلاميين! هذا طبيعى فى طريقها لتحقيق أهدافها، وليس هو أهدافها.. أو للدقة ليس كل أهدافها.
وقبل أن نجيب عن سؤال طرحناه فى ختام حلقة أمس من هذه السلسلة عن مدى نجاح «المتحدة» فى تحقيق أهدافها.. نستعرض تحديات أخرى خفية قد لا يلمسها المواطن المصرى الذى من أجله نبسط له الأمور هنا.. فليست التحديات قاصرة على استهداف مصر ودورها من قوى أخرى بضغط إعلامى رهيب.. ولا فقط خطورة ترك وعى الناس وتشكيله وبناء وجدانهم فى أيدٍ لا تستهدف ولا تعرف إلا الربح.. إنما أيضاً فى خطط الآخرين الخفية التى لا يلمسها إلا المتخصصون والمكلفون بأمن البلاد.. فمثلاً، ومنذ عام 1989، عندما أطلق وليم ليند لأول مرة مصطلح «حروب الجيل الرابع» بمحاضرته الشهيرة بالبحرية الأمريكية، وهذا العلم يتطور يومياً وتتعدد تعريفاته، لكنها تُجمع -وبتبسيط شديد- على «إنهاك قوى دولة بكافة السبل، أهمها ميليشيات غير نظامية وضغط إعلامى مكثف»، وبالتأمل نجد مصر نموذجاً فى التعريف، ينطبق ما يحدث ضدها منذ أكثر من عشر سنوات تماماً.. صحيح قضينا على الإرهاب بفضل تضحيات عظيمة لأبطال الجيش العظيم والشرطة المصرية وكافة الأجهزة المختصة، لكن تبقى أفكار التطرف تحتاج إلى اشتباك دائم، ومن هنا تأتى أهمية وسائل الإعلام ومسئولياتها الوطنية والأخلاقية، وتبقى أدوات حروب الجيل الرابع. ومن هنا أيضاً تأتى حتمية امتلاك أدوات إعلام وطنية وواعية للتصدى لها.
اليوم يعلنون صراحة بين حروب الجيل الرابع عن استهدافهم لمنظومات الدين واللغة والقانون والتعليم والقدوة والأسرة فى البلاد المستهدفة!! أى عمل معادٍ منظَّم يتطلب مواجهة منظمة.. وللتذكرة فقد تحدَّثنا أمس عن انطلاق «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» فى 2016، وقلنا إنها كانت وفق رؤية شاملة وليست تأسيساً ورقياً أو حتى عاطفياً من أجل الحفاظ على مكانة مصر الريادية فى صناعة الإعلام مع تخطى الحدود بالعمل من خلال التقنيات المتطورة وتطوير رواية القصص المبتكرة، مع الالتزام بالمسئولية الاجتماعية والحوكمة الرشيدة والسعى لتطوير معايير تقديم تجربة الترفيه والإعلام وخلق تجارب لا تُنسى تلقى صدى لدى الجماهير من جميع الأعمار والثقافات.
بينما فى إشارة إلى مهمتها المباشرة والأساسية قالت «المتحدة» فيما يشبه «مانفيستو» أو «برنامج عمل» إن المهمة الأساسية لها هى إحياء التراث الثقافى والإعلامى الغنى لمصر من خلال تقديم تجربة ترفيهية إعلامية لا مثيل لها تُسعد وتُلهم -تُسعد وتُلهم- الجماهير فى مصر والعالم العربى.. مع التزامنا بدفع عجلة النمو الاقتصادى لبلدنا وإقليمياً من خلال تقديم قيمة استثنائية لمساهمينا ودعم تطوير المواهب والصناعات المحلية.. ليس هذا فقط، بل أعلنتها الشركة صراحة على لسان قياداتها أنها ستهدف وتسعى إلى تحسين جودة وسائل الإعلام وخلق نظام إعلامى مصرى متطور ينتج محتوى مبتكراً باستخدام أحدث التقنيات ليتمكن من خلاله من المنافسة ومواجهة التحديات المتغيرة الحالية والتى ستنشأ مستقبلاً فى هذه الساحة النابضة بالحيوية والديناميكية.. هذه الخطوة سوف تساعد على إعادة دور مصر القيادى فى صناعة الدراما التى اشتهرت بها على مر العصور، بالإضافة إلى اللهجة العربية المميزة، خصوصاً أن مصر تتمتع بكفاءات لا حصر لها.. وللحديث بقية.