محمد نبيل يكتب: لغة «الحشاشين» وفرصة «مسار إجباري»

كتب: محمد نبيل

محمد نبيل يكتب: لغة «الحشاشين» وفرصة «مسار إجباري»

محمد نبيل يكتب: لغة «الحشاشين» وفرصة «مسار إجباري»

على الرغم من عرض حلقات معدودة من مسلسل «الحشاشين»، فإننا يمكن أن نرصد ونشاهد طموحاً شديد الوضوح من صنَّاعه لتقديم ملحمة تاريخية بصبغة مصرية، تستعرض ما اقترفته جماعة الحشاشين وتتغلغل فى تفاصيل غابت عن الكثيرين، حول تأصل الإرهاب ومصادره الأولى، وهو ما يبرر ترصداً عبثياً لكتائب قوى الشر بالعمل الذى يبحر فى مشهد لم يقرأ جيداً من التاريخ الإسلامى على المستوى الدرامى.

رؤية عصرية مغايرة لحكاية تاريخية يطرحها الكاتب عبدالرحيم كمال، تعيد لنا شغف اكتشاف وقراءة مصادر تاريخية أو أحداث بعينها تتماس مع المسلسل وتؤثر فى أحداثه، تجعلنا نقف على مسافة قريبة مما حدث فى الماضى، نتأمل الحاضر، وربما نستشرف المستقبل.

جديد المخرج بيتر ميمى «الحشاشين» الذى قدم أوراق اعتماده فى أكثر من مناسبة، يؤكد إمكانات المبدعين المصريين فى صنع دراما تاريخية فاخرة، تتضافر فيها الجهود للخروج فى أبهى شكل وصورة مغلفة بجودة الصنعة والتنفيذ، عمل فيها مع مدير التصوير اليقظ حسين عسر لإضاءة العمل من الخارج والداخل، ووضعه فى إطار توثيقى إنسانى يحاكى التاريخ ولا يوثقه حرفياً، يستهدف به الملايين الناطقين بالعربية حول العالم.

اللغة هى ركيزة التفاهم والمعرفة بين الأفراد فى أى مجتمع، ولما كانت أفكار أى إنسان تصاغ دوماً فى قالب لغوى محدد، جاء قرار اختيار لغة مسلسل «الحشاشين» ذكياً، مزيجاً متناغماً من «العربية» تغلب عليه المصرية العامية، ولمَ لا؟ وهى أكثر اللهجات انتشاراً وفهماً لدى جموع العرب، مع تخلله كلمات فارسية أحياناً مثل «خاموش باش دريا»، التى نطق بها كريم عبدالعزيز فى نهاية الحلقة الثالثة، مشيراً للبحر بالهدوء بعد العاصفة.

ربما لم تعطِ لنا الحكاية المشوقة قسطاً وافراً من التمعن فى قدرات الممثلين، وحسن اختيار أغلبهم، ولكنها أحد أهم عناصر قوة المسلسل دون شك، كما لا يمكن الحديث هنا عن «الحشاشين» بمعزل عن تصميم الإنتاج والديكور، والجهد الساطع لمصمم المناظر أحمد فايز، وفريق المؤثرات والجرافيك، والملابس، والمكياج، والمونتاج، وغيرهم من رؤساء الأقسام الذين قدموا لوحة فنية غنية، تعزز هيبة الدراما المصرية وريادتها.

الحصان الأسود

وسط عشرات الأسماء الكبيرة فى الموسم العامر، لمعت حلقات «مسار إجبارى» وأضافت بريقاً من نوع خاص لكل من أحمد داش وعصام عمر، كلاهما يشهد أداؤه تطوراً ملحوظاً، يخطفان الأنظار أينما حلّا، عصام تألق فى أكثر من عمل حتى صنع المفاجأة مع حلقات «بالطو»، و«داش» موهبة فذة منذ ظهوره الأول على شاشة السينما.

حرفية الكتابة فى «مسار إجبارى»، وإجادة التمثيل لأغلب المواهب الجديدة، تمنح المسلسل ثراء فنياً جيداً، عملت المخرجة نادين خان على إنجازه متكئة على اسمين من الشباب يتصدران للبطولة لأول مرة فى موسم رمضان الصعب، تنطق أعينهما بالانفعالات المركبة مع اكتشاف حقيقة خداع والدهما، وزواجه سراً لمدة 20 سنة!

تعاون نادين خان مع أحمد داش ليس الأول، فقد سبقته تجربة سينمائية عبر فيلم «أبو صدام»، ولكنها هنا تغازل ببطلنا الشاب أحلام المراهقين، همومهم وأفكارهم بأسلوب بسيط وعميق فى آن واحد، وتدير مشاهده وعصام عمر بصورة واعية لخلفية وشخصية كل منهما الاجتماعية والثقافية بالعمل.

منح الفرصة للشباب فى «مسار إجبارى» وتقديمهم على هذا النحو فى عمل يتكون من 15 حلقة، هو استيعاب لمتغيرات السوق التليفزيونى، والمشاهدة الرمضانية، واحترام سخى لموجة من الأفكار الطازجة، التى تزخر بها العقول المصرية الواعدة، وتجربة طموحة تستحق الدعم والمساندة.


مواضيع متعلقة