الحشاشين مرة أخرى
بعد عرض عدد من حلقات مسلسل الحشاشين بدأ النقاش والجدل حوله يتصاعد ما يعني أن الحكاية والمسلسل والعمل الفني ككل فتح الباب لحوارات بين الفنانين والنقاد والجمهور نظرا للموضوع وكذلك للعمل الفني .
ومن أسباب هذا النقاش وإبداء الرأي إيجابيا أو سلبيا , أن العمل الفني يتناول تاريخا حقيقيا , لكن هذا التاريخ لم يدون بشكل توثيقي بل ولم يدونه المؤرخين المسلمين بشكل مناسب ونعرف عن الحشاشين من خلال ما كتبه المستشرقون الغربيون عندما بدأت أوروبا بعد عصورها الوسطى المظلمة في تناول أحوال المشرق العربي خاصة في ظل وجود الحملات الصليبية وما تطلبه ذلك من توفير معلومات عن المنطقة العربية والإسلامية , كما أن العمل الفني أو الدرامي يحتمل التغيير والتأويل .
يعتقد البعض أن كلمة " حشاشين " أطلقت على هذه الطائفة التي اتبعت حسن الصباح لأنهم كانوا يتعاطون مخدر الحشيش أو نبات القنب الهندي وهذا لم يثبت في كل ما كتب وإنما كتب الرحالة المشهور ماركو بولو عن أثر تعاطي مخدر لساكني قلعة آلموت الحصينة مقر حسن الصباح وطائفته وهو ما يدفعهم إلى تنفيذ كل أوامر الصباح بدون نقاش . قال بولو أنه مر بمكان بين جبلين جعل منه الصباح جنة تملؤه الحدائق وكل ما يشتهيه الإنسان بصورة لا توجد ولم يرها في مكان آخر .
وكان الصباح يأمر بإعطاء الشبان الذين أسماهم فدائيين نوعا من المخدر ثم ينقلوا إلى تلك الحدائق ويجدون نساء جميلات حولهم فيشبعون غرائزهم ويتمتعون بكل الملذات فوق ما تخيلوا .
بعدها يقابلون من يعطيهم الأوامر بقتل هذا أو ذاك والتصقت بهم كلمة الحشاشين وانتقلت إلى أوروبا باعتبارها تعبيرا عن القتلة وصار كل قاتل يسمى حشاشا ورسخت الكلمة في اللغات المختلفة واستخدمت كثيرا بعدما قام هؤلاء بقتل شخصيات كبيرة في أوروبا لصالح آخرين عندما كان يمكن لفرد واحد أن يقوم بتغيير نظام الحكم من خلال إخفاء أو قتل شخص آخر موجود في السلطة .
تشبه فرقة الحشاشين فرق أوروبية انتشرت في تلك الفترة مثل فرسان المعبد وغيرها , كان الاغتيال سمة من سماتها في ذلك العصر .
وقد اتفقت الحكايات بشأن أمر واحد بالنسبة للحشاشين , أنهم تحصنوا في قلعة آلموت الموجودة في إيران حاليا والتي كانت تمثل رعبا للدول والملوك لأن الحشاش القاتل لم يكن يعبأ بأي عوائق تحول بينه وبين تنفيذ مهمته بعدما أزال الصباح هذا العائق أو ألغى لديهم الخوف من الموت , لكن اختلفت الروايات بشأن أماكن وجود الحشاشين فقد قيل أنهم وجدوا في بلاد الشام , وسوريا تحديدا وأنهم كانوا بربريين لا يلتزمون بعادات المسلمين فكانوا يأكلون لحم الخنزير ويعربدون بشكل لا علاقة له بأهداف أو مبادئ .
وحكي آخرون عن تعاملهم مع الصلبيين في عكا وغيرها كما قيل أن دعوتهم استمرت 300 سنة , وكل هذا يعني أن لا تفاصيل دقيقة أو ملامح ثابتة لحكاية الحشاشين .